Monday, November 28, 2016

نظرة عامة حول الحياة السياسية الامريكية, وماذا لو جرى ذلك السباق الانتخابي في السعودية؟

بن عاتق
11-28-2016

في 2008 انفجرت فقاعة الرهن العقاري و ادخلت العالم في ازمة اقتصادية أُعتبرت الاشد منذ ازمة الكساد العظيم التي وقعت في اواخر عشرينيات القرن العشرين. تم لوم الاقتصاديين على فشلهم في التنبؤ بقدوم الازمة في 2008, بل حتى انه تمت محاكمة علم الاقتصاد ككل وقد أدين بانه لا يزال الى اليوم يعاني من خلل جوهري يعيقه من التنبؤ بالازمات. تم تصوير علم الاقتصاد على انه مجرد موديلات جامدة تصلح لعالم افتراضي مثالي, بينما العالم الحقيقي مختلف عن موديلات الاقتصاديين. هذه التصورات حول علم الاقتصاد ليست جديدة والان هناك احاديث حول العودة الى جذور علم الاقتصاد متمثلة بعلم الاقتصاد السياسي وهو الاساس الذي انطلق منه علم الاقتصاد . الهدف من هذه المحاولات هو لجعل علم الاقتصاد اكثر كفاءة وليس مجرد علم نظري مفصول عن الواقع. النقاشات حول علم الاقتصاد لا تزال تجري على المستوى الاكاديمي للمهتمين بمستقبل علم الاقتصاد. بعد ثمان سنوات من الازمة المالية العالمية وفي يوم الاربعاء التاسع من نوفمبر انفجرت فقاعة اخرى وهي بتلك الضخامة التي كانت عليها فقاعة 2008 الاقتصادية, ولكن هذه المرة انفجرت فقاعة سياسية بوصول دونالد ترامب الى البيت الابيض في الولايات المتحدة الامريكية. لا يزال انفجار تلك الفقاعة في مراحله الاولى ولا يزال العالم في مرحلة الصدمة, وسوف يأخذ المزيد من الوقت ليحلل ويرى ماذا حصل وكيف انفجرت تلك الفقاعة السياسية في وجه النخب الحاكمة الامريكية.ما جعل الامر يبدو وكأنه صدمة او حدث غير متوقع هو ان هيلاري كلينتون كان يتم تصويرها في الاعلام على انها الرئيسة القادمة الى منتصف يوم الثلاثاء "يوم الانتخابات" وان ترامب مجرد مهرج عنصري يكره النساء والمثليين و المعاقين وجميع الاعراق عدى البيض, وهو رجل عديم الخبرة في عالم السياسة متناقض وخطابه سطحي و بسيط , ولن يحصل على مايكفي من الاصوات للفوز في الانتخابات. فاز ترامب وانفجرت تلك الفقاعة في وجه النخب الحاكمة التي كانت تتوقع فوز مرشحة تدعم حقوق المرأة والمثليين والتعايش بين مختلف الاعراق, وقريبة جداً من توجهات نخب واشنطن والشركات متعددت الجنسيات والمؤسسات المالية في نيويورك. كان هناك اعتقاد سائد ان الناس سوف يصوتون لهيلاري فقط لمنع وصول رجل يوصف بانه "عنصري" الى البيت الابيض وان ترامب منافس من السهل اقناع الناخب ان يصوت ضده بسبب مواقفه التي يعتبرها البعض متطرفة وغير مألوفة في الحياة السياسية الامريكية.لكن فوز ترامب لم يكن صاعقة في سماء صافية "كما يقول ماركس". تلك النخب وخصوصاً في وسائل الاعلام كانت تصور هيلاري على انها الرئيسة القادمة, وهي تستند الى استطلاعات الرأي, ومزاج وهوى النخب الحاكمة التي لاتريد لشخص مثل ترامب ان يصل الى الرئاسة, ليس لانه سيئ ولكن لكونه شخص غير معروف ولم يمارس العمل السياسي من قبل وخيار هيلاري كلينتون ابنة المؤسسة الحاكمة هو اكثر أماناً واقل مجازفة من رجل مجهول في عالم السياسة. كثير من الجمهوريين وقفوا ضد ترامب مثل آل بوش, وكأنه دعم ضمني لهيلاري في مواجهة ترامب, وهناك من الجمهوريين من دعم هيلاري علنا.ً  فاز ترامب ووصل الى البيت الابيض في مشهد سياسي في غاية التعقيد وكان اشبه بالزلزال السياسي مثل حدث خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي. ماجرى في الولايات المتحدة من الممكن ان يحدث في اي بلد آخر لو كان هناك انتخابات تتميز بالنزاهة وتعتمد نفس الطريقة الامريكية الانتخابية. استعملت مخيلتي في مشهد سينمائي وتصورت ماذا لو تمت هذه الانتخابات في السعودية؟ من هو المرشح الذي يحمل مواصفات هيلاري ومن هو المرشح الذي يحمل مواصفات ترامب؟ هذا المقال يحاول تصوير ذلك المشهد السينمائي مع وجود نبذ عن طبيعة كلا المرشحان ومقارانات لجعل المشهد يبدو اكثر وضوحاً 
 



 هيلاري كلينتون هي الزوجة لحاكم ولاية آركنساس "بيل كلينتون" من اواخر السبعينات الى بداية التسعينات. ثم اصبحت السيدة الاولى في الولايات المتحدة في التسعينات بعد وصول زوجها للبيت الابيض 1992-2000 . ومن ثم عضو بمجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك من 2001 حتى 2008 . ثم وزيرة للخارجية من 2008 حتى 2012. خاضت معركة الانتخابات الرئاسة مرتان, مرة على مستوى الحزب الديمقراطي امام سيناتورمن ولاية الينوي "باراك اوباما"  في 2008 ومرة في الانتخابات العامة امام رجل الاعمال دونالد ترامب. هيلاري كلينتون وزوجها بيل دخلا الى الحياة السياسية الامريكية في منتصف السبعينات ويعتبران من قلب المؤسسة الحاكمة. نظرة سريعة على تاريخ هيلاري تمكنك من التعرف عليها وماذا تمثل سياسياً. هيلاري هي الوجة الازرق للمؤسسة الامريكية الحاكمة ونخبها. تلك المؤسسة لها وجهان سياسيان, احدهما ازرق يمثله الديمقراطيون والآخر احمر يمثله الجمهوريون, بالاضافة الى العسكريين الذين يخدمون في الاجهزة العسكرية ومن ثم يتحولون للعمل المدني. المقصود بالمؤسسة الحاكمة ونخبها هي تلك المؤسسة التي تقبل بشروط اللعب الحالية ولاتحاول تغييرها بل فقط الاستفادة منها. هذا لا يعني ان الديمقراطيون والجمهوريون يجلسون سوياً في الغرف المغلقة يتآمرون على الشعب الامريكي ويتوزعون الادوار, انت تلعب هذا الدور وانا العب هذا. لا, الامر مختلف تماماً ومعقد جداً. هي لعبة "اي السياسة" ولها شروط والجميع يحاول الاستفادة منها من خلال الحصول على اموال التبرعات والفوز في الانتخابات سواء كانت على مستوى الولاية او على المستوى الفيدرالي, ولكل فريق حساباته التي يعتقد انه سوف يكسب الاموال والاصوات من خلالها. اقتبس من مقالة منشورة في موقع ماكلاتشي الاستشاري للكاتب ديفيد لايتمان حول من هي الطبقة الحاكمة "ماهي المؤسسة الحاكمة؟ على الصعيد الوطني: قال 8 من 10 اشخاص في استطلاع لمركز ماكلاتشي الاستشاري هذا الشهر ان المؤسسة الحاكمة تضم اعضاء من الكونجرس واعداد مماثلة من الحزب الديمقراطي والجمهوري, والجهات المانحة السياسية والمصرفيين في ول سترييت ووسائل الاعلام". "الكثير, وربما معظمهم  (اي الطبقة الحاكمة) يهتمون بالصالح العام ولكن كي يستفيدوا منه لانفسهم . انهم يعينون بعضهم البعض ويعينون اولادهم, انهم يجتمعون في حفلات العشاء بنفس ربطة العنق البيضاء والسوداء, ويحضرون احيان حفلات الزفاف التي يقيمها بعضهم"."الوصول هو العملة المشتركة لهذه المجموعة. بنوك وول ستريت تنفق ملايين الدولارات لتفتح الابواب لمن هم في المستويات العليا في الحكومة والذين يقومون بتنظيم عمل المؤسسات المالية. الساسة ينبطحون للوصول الى المال الذي يبقيهم في المكاتب (بمعنى يعاد انتخابهم). وسائل الاعلام تعقد الصفقات للوصول الى صناع القرار من اجل ان تغذية التقييم والتدوير (معنى جلب مشاهدين اكثر والحصول على الاعلانات), حتى ولو كان على حساب الموضوعية". يتطرق المقال ايضاً الى علاقة المؤسسات المالية بالعمل الحكومي حيث جاء فيه التالي "العلاقات هي معقدة وعميقة. خمسة وزراء للخزانة  في الثلاث الإدارات الرئاسية السابقة احدهم اما ترأس شركة من شركات وول ستريت الكبيرة، أو أصبح من كبار المسؤولين التنفيذيين (في شركات وول ستريت) بعد ترك وظائفهم." [1].  رايت ميلز عالم علم الاجتماع والبرفسور في جامعة كولومبيا من 1942 حتى 1962 له نظرية حول النخب ونشرها في كتاب صدر في عام 1956 بعنوان سلطة النخب. يلخص فرانك ايلويل نظرية ميلز حول النخب في التالي " هناك سلطة النخب في المجتمعات الحديثة, النخب التي تسيطر على موارد البيروقراطيات الكبيرة في المجتمعات الصناعية الحديثة. وفقاً لميلز, سلطة النخب هي سلطة الناس الرئيسيين في ثلاث مؤسسات كبيرة في المجتمعات الحديثة هي 1-الاقتصاد, 2- الحكومة, 3- القطاع العسكري. المؤسسات البيروقراطية في الدولة, الشركات والقطاع العكسري قد توسعت واصبحت مركزة وهي وسائل للسلطة لم يسبق لها مثيل في التاريخ البشري. هذا التسلل الهرمي في السلطة هو المفتاح لفهم المجتمعات الصناعية الحديثة. وتحتل النخبة المناصب القيادية الرئيسية داخل البيروقراطيات التي تسيطر الآن على المجتمعات الحديثة، وهي المناصب التي توجد فيها الآن الوسائل الفعالة للسلطة. وبالتالي فإن سلطتهم متجذرة في سلطة الدولة، وهي سمة من سمات التنظيم الاجتماعي وليست فردية (اي تخضع للتنظيم الاجتماعي لهذه السلطات وليس لحكم الافراد). هذا التراتب الهرمي  ليس مؤامرة من رجال الشر، بل هي بنية اجتماعية توسعت وركزت عملية صنع القرار ومن ثم وضعت هذه السلطة في أيدي رجال يحملون نفس الخلفية الاجتماعية والتوقعات. ويرى ميلز أن السلطة الوطنية الكبرى توجد الآن تقريبا في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية. وقد تضاءلت جميع المؤسسات الأخرى في نطاقها وقوتها، ودفعت إلى الجانب في التاريخ الحديث، أو اصبحت تابعة للثلاثة الكبار" (*).مفهوم النخب الحكامة هو تعبير عن توازنات القوى في المؤسسات التي تتحكم بموارد وقرارات المجتمعات الصناعية الحديثة. نظرية ميلز تلخص فكرة ان تلك النخب لا تحكمها توجهات الافراد بقدر ميحكمها التراتب الهرمي للمؤسسات التي تملك القرار ولديها على القدرة على تفعيله على ارض الواقع من خلال القنوات التي تملكها مثل الاقتصاد وجهاز الدولة. بالعودة الى عالم السياسة والانماط السائدة في الحياة السياسية الامريكية,  السياسي الامريكي لا يمكن ان يصل الى البيت الابيض  دون دعم من بنوك وول ستريت, الا اذا حصل على دعم وتمويل من مصادر اقوى من تلك الموجودة في وول ستريت وهذا مستحيل عملياً الى الان.  مثلاً,  ثلث اموال حملة بارك اوباما لاعادة انتخابه كانت عبارة تبرعات من بنوك وول ستريت  وفقاً للواشنطن بوست. [2]. بالعودة الى هيلاري وما تمثله. هي ابنة المؤسسة الحاكمة وهي تفهم توازنات القوى في داخل الولايات المتحدة وهي تعبير عن تلك النخب. ايضاً وفقاً للواشنطن بوست جمعت هيلاري وزوجها بيل كلينتون مايقارب 3 مليارات دولار من المتبرعيين لمؤسسة كلينتون الخيرية في 4 عقود, اي منذ السبعينات .[3]. بالطبع المؤسسة تقوم باعمال خيرية هنا وهناك, ولكن الدافع الرئيسي لهذه المؤسسة الخيرية هو تقنين الحصول على الاموال والتربح من العمل السياسي. من يتبرع لهيلاري او بيل هو لايتبرع من دافع حب فعل الخير غالباً, بل يتبرع لهما للحصول على مكاسب سياسية, واحد الامور التي اطاحت بهيلاري في الانتخبات هو كونها تعتبر سياسية تقليدية فاسدة همها جمع الاموال وتبديل المواقف السياسية حسبما يريد المانح. ايضاً تناقضاتها في ادعائها بانه تقف مع حقوق المرأة في حين تتلقى اموال من جهات عليها ملاحظات كبيرة فيما يتعلق بحقوق المرأة . هيلاري وبيل هم ليسو استثنائات في عالم السياسة الامريكي, بل هما التعبير والمثال الاوضح عن السياسي الامريكي. خلال الانتخابات الرئاسية للحزب الديمقراطي اتهم بيرني ساندرز منافس هيلاري كيلنتون الاخيرة بانها تمثل الطبقة الحاكمة حيث قال في احد المناظرات معها " سوف اعترف بشكل مطلق بأن الوزيرة كلينتون تحظى بدعم عدد كبير من حكام الولايات، ورؤساء البلديات، وأعضاء مجلس النواب. لديها المؤسسة الحاكمة بأكملها أو تقريبا المؤسسة بأكملها وراءها. هذه حقيقة. الوزيرة كلينتون تمثل المؤسسة الحاكمة". هيلاري حاولت نفي تهمة تجسيد المؤسسة الحاكمة لانها تعلم تأثير ذلك عليها في الانتخابات حيث قالت " وبصراحة، فإن السناتور ساندرز هو الشخص الوحيد الذي أعتقد أنه سيصفني، وانا اول امرأة في سباق الرئاسة لتكون اول رئيسة ، كتجسيد للمؤسسة الحاكمة . وانه حقا امرا مسلي جدا بالنسبة لي". (*).  دانيل الين الباحث والمنظر السياسي في جامعة هارفرد والكاتب في صحيفة واشنطن بوست تناول ادعاء هيلاري بانها لاتمثل الطبقة الحاكمة في مقال في فبراير 2016 بعنوان " آسف هيلاري, انت المؤسسة " حيث قال " كلينتون لا تجسد المؤسسة. كلينتون وزوجها بيل هما    المؤسسة في الحزب الديمقراطي. نحن في حالة وصف وليس تشخيص" (*). هيلاري جزء من النخب الحاكمة الامريكية وهي تجسيد لتلك النخب في داخل الحزب الديمقراطي من خلال مشوارها السياسي الطويل في الحياة السياسية الامريكية. هذه النخب هي من يهيمن على السياسات في داخل الولايات المتحدة كما يقول كثير من النقاد والمحللين السياسيين. نشر موقع بي بي سي دراسة قام بها باحثان من جامعة بريستون باستخدام بينات المسوح الاحصائية من 1983-2002 حول السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة والنتيجة كانت ان الولايات المتحدة دولة اوليغارشية (حكم الاقلية) وليست ديمقراطية. جاء في الدراسة " يشير التحليل متعدد المتغيرات ان النخب الاقتصادية والجماعات المنظمة التي تمثل المصالح التجارية لها تأثيرات مستقلة كبيرة على سياسة حكومة الولايات المتحدة, في حين ان المواطنين العاديين وجماعات الضغط التي تمثلهم لديهم القليل او حتى انعدام التأثير المستقل". [4]. هذا الامر لم يعد سراً او خافياً على احد, بل اصبح امر يناقش علانية وقد احدث تأثيرات ضخمة في الانتخابات الاخيرة ولعب ضد هيلاري وكان احد اسباب سقوطها انها عبارة عن ذلك المرشح الذي يمثل النخب وان ترامب رجل من خارج المؤسسة الحاكمة. تلك النخب هي من تتحكم في وسائل الاعلام التي كانوا يعتقدون الى وقت قريب انها توجه الرأي العام ولكن الانتخابات اثبتت فشل هذا التحليل وربما هذا يثبت صعود الاعلام الجديد والصحافة الجديدة التي وفرتها شبكة الانترنت. مثلاً, نعوم تشومسكي, عالم له شعبية في اوساط اليسار, ومع ذلك هو لايظهر في اي وسيلة اعلامية امريكية من مايسمى وسائل الاعلام الرئيسية مثل سي ان ان او فوكس نيوز, لانه شخص معادي للمؤسسات الحاكمة مثل الشركات و القطاع العسكري.  تشومسكي مجرد مثال واحد, وهناك الكثير من الامثلة التي يمكن طرحها حول مفكرين تم اقصائهم في داخل الولايات المتحدة لانهم يطرحون آراء معادية للوضع القائم. الاعلام الجديد فتح نافذة لهم مثل يوتيوب واصبح بالامكان الوصول اليهم وان يقدموا انفسهم بعيداً عن القيود التقليدية التي تضعها وسائل الاعلام التقليدية. هيلاري كلينتون وبما تمثله من تاريخ سياسي هي عبارة عن سياسي امريكي تقليدي كل مايريده هو ان يبقى في السلطة بهذا الشكل او ذاك. هيلاري مثلاً صوتت لصالح الحرب على العراق عندما كانت عضواً بمجلس الشيوخ, وعندما اصبحت مرشحة في 2016 قالت ان تلك الحرب كانت خطأ. بطبيعة الحال, تغيير المواقف يأتي حسب ما تقتضيه الحاجة والى اين يميل ميزان القوة وماهي توجهات الرأي العام. الحرب على العراق اصبحت مثال سيء في السياسة الخارجية الامريكية وهيلاري تريد الابتعاد عنها. هيلاري ايضاً لها موقف مناهض لزواج المثليين في السباق ولاحقاً غيرت موقفها واظهرت دعماً له. هذا هو السياسي الامريكي التقليدي وهيلاري هي ابرز مثال لذلك


دونالد جي ترامب. او الظاهرة دونالد. رجل اعمال ثري من اسرة ثرية. بدايته كانت كمطور عقاري في نيويورك ممارساً نشاط في الاعمال التجارية مثل بناءالفنادق, صالات القمار و انشأ خطوط طيران. كانت الثمانينات العصر الذهبي لرجل الاعمال ترامب. مع منتصف التسعينات تعرضت امبراطورية ترامب التجارية لخسائر فادحه وكانت على شفى الافلاس بسبب سوء الادارة والتهور المالي. نشرت صحيفة نيويرك تاميز تقرير مطول عن خسائر ترامب " اعلن دونالد ترامب عن خسائر بلغت 916 مليون دولار على عائداته الضريبية في عام 1995, خصم ضريبي كبير سمح له بتجنب دفع اي ضريبة دخل للحكومة الاتحادية لمدة 18 عام". [5]. عندما تم سؤال ترامب عن تجنبه دفع الضرائب لمدة 18 عام قال انه "استخدم القانون بذكاء" لتجنب دفع الضرائب. استطاع ترامب توزيع خسائرة على البنوك التي اقرضته وعلى صغار الشركات التي كانت تقدم الخدمات لمشاريعه وان ينجوا هو شخصياً باقل الخسائر مستخدماً الحيل للاستفادة من الثغرات القانونية. تعرض جوش بارو وهو من كبار محرري صحيفة العمل من الداخل "بيزنس انسايدر" على حادثة تجنب ترامب لدفع الضرائب. في مقاله للرد عن من يدافعون عن ذكاء ترامب بتجنبه دفع ضرائب لاكثر من عقد , اقتبس من مقالة جوش" ميغان مكاردل من بلومبيرغ, على سبيل المثال, تقول ان السجلات الضريبية لترامب في عام 1995 تظهر خسائر بقيمة 916 مليون دولار, وهذا  وفقاً لميغان يثبت "السياسة الضريبية الجيدة في العمل". حجة ميغان مكاردل هي على النحو التالي" اذا تمكن ترامب من تجنب دفع الضرائب لمدة عقد او اكثر, ذلك يجب ان يكون بسبب انه بالفعل قد خسر الكثير من المال عندما كانت امبراطوريته على شفى الانهيار في بداية التسعينات, وكنتيجة لذلك لم يكن لديه اي دخل ليدفعه للضرائب". يعلق جوش عن الدفاع عن تجنب ترامب لدفع الضرائب بالتالي " تجدر الاشارة ان حجة ميغان مكاردل هي للدفاع عن سياسة ترامب الضريبية وليست دفاعاً عن ترامب نفسه, وحجتها تعني ان ترامب كان رجل اعمال في قمة السوء (بمعنى انه دخل في مشاريع فاشلة كلفته خسارة مايقارب المليار". [6].   يمكن النظر الى الجدل في هذه الاقتباسات حول ترامب بانه صورة مصغرة لصورة اكبر حول شخصية ترامب. هو شخصية مثيرة للجدل تعبر عن روح رجل الاعمال الامريكي المغامر الذي يخاطر وقد يتحول من ثري الى معدم بين ليلة وضحاها.  ترامب رجل اعمال يحب الظهور الاعلامي ويستفيد للترويج لنفسه من خلال ذلك مثل المشاركة في المصارعة الحرة وتلفزيون الواقع وبعض الافلام السينمائية.  حصلت انعطافه في تاريخ ترامب وربما الانعطافه الاكبر في تاريخه السياسي عندما اراد دخول عالم السياسة. ترامب في الاساس لم يكن بعيداً عن عالم السياسية, حيث ان له مشاركات وتعليقات حول القضايا السياسية مثل حرب العراق والتدخل الغربي في ليبيا والاطاحة بمبارك. بل اقدم من ذلك,  في 1987 ظهر ترامب في برنامج حواري تلفزيوني وتحدث حول ضعف السياسة الامريكية الخارجية وانها تقدم الدعم للحلفاء بالمجان, بعد البرنامج تلقى ترامب رسالة  من الرئيس الامريكي السابق ريتشارد نيكسون(1968-1974) يقول فيها ان زوجته ( اي زوجة نيكسون) تتوقع فوزك في الانتخابات في حال اذا ما قررت خوض سباق المنافسة الرئاسية. [*]. ولكن اللحظة الابرز كانت مشاكسة الرئيس بارك اوباما عندما ادعى ترامب في 2011 ان اوباما ليس امريكي وهو مولود في خارج الولايات المتحدة وتحدى الرئيس ان يخرج شهادة ميلادة التي تثبت انه امريكي. بطبيعة الحال احدث الموضوع ضجة في الاعلام واضطر الرئيس ان ينشر شهادة ميلاده وانه ولد في جزر هاواي وهي تابعة للولايات المتحدة. لم يقتنع ترامب بذلك, بل تظاهر بانها مزورة او غير مكتملة, واخيراً في 2016 وقبل بضعة اسابيع من الانتخابات اعترف ترامب ان اوباما امريكي لان ترامب كان يريد اصوات الناخبيين من اصول افريقية والتشكيك في كون اوباما امريكي هو اهانة للامريكين من اصول افريقية. كان هدف ترامب من تلك المشاكسة هو لفت الانظار الية والتعريف به.  كان هدف ترامب ابعد , حيث كان يخطط لخوض سباق المنافسة في الانتخابات الرئاسية الامريكية, وايضا بناء قاعدة شعبية سياسية له مستغلاً استياء جزء من البيض من كون رئيسهم اسود وقد يكون مسلم متخفي, (نعم بعض البيض يعتقد ان اوباما مسلم وهو في البيت الابيض ليدمر الولايات المتحدة, على سبيل المثال اليكس جونز مذيع له قناة على يوتيوب يتحدث حول هذه المواضيع [لقاء حواري معنوناً بان اوباما مسلم متطرف على قناة جونز], ليس جونز فقط, بل ترامب نفسه قال ان اوباما هو من اوجد داعش. قد يبدو انه كلام غير عقلاني ولكن هناك من البيض من يصدق به. مركز مختص في اجراء الاستطلاعات حول السياسة العامة في امريكا في قام باستطلاع اراء مؤيدين ترامب حول الرئيس اوباما, 66% منهم يعتقدون ان اوباما مسلم, 61% منهم يعتقد ان اوباما مولود خارج الولايات المتحدة [*]).  نجح ترامب في تحقيق مايريد واصبح حديث الاعلام السياسي في امريكا بعد تلك الحادثة والتي بالفعل كانت بداية انطلاق حملته الرئاسية

بعد النبذة القصيرة والموجزة عن مرشحي سباق الرئاسة في امريكا وعن الوضع السياسي الامريكي برمته, تخيل مشهد الانتخابات الامريكية وماذا لو جرت في السعودية. من سوف يكون ذلك المرشح الذي يحمل مواصفات هيلاري ومن هو المرشح الذي سوف يحمل مواصفات ترامب؟ في الحقيقة وقبل كل شي ادرك استحالة مطابقة الوضع السعودي السياسي بالوضع السياسي الامريكي ولكن مع هذا لا بد ان تكون هناك بعض المشتركات حتى وان كانت نسبية, وفي اخر المطاف الامر لايعدو مجرد استعمال للخيال لوصف الحالة. من الممكن ان تنظر الى هذه الحالة وكأنك تشاهد فلم سينمائي, انت تدرك ان الفلم مجرد نص متخيل من الكاتب وان الامر ليس حقيقي ( ولكنه يتقاطع مع الواقع في بعض الاحيان) وانت تستمتع بمشاهدته. الامر كان كذلك بالنسبة لي وانا احاول مقاربة سباق هيلاري وترامب  وطرح سؤال ماذا لو كان هذا السباق في السعودية؟ في البداية ماهو المشترك بين الوضع السياسي السعودي والامريكي؟ الجواب ببساطة هو وجود المؤسسة الحاكمة, وهذا الامر لاتختص به السعودية او امريكا فقط ولكن اغلب دول العالم لديها مؤسسات حاكمة, وعندما تغيب او تضعف تلك المؤسسة تدخل الدول في الاضطرابات السياسية والنزاعات والحروب الاهلية. عمل المؤسسة الحاكمة السعودية لايختلف عن عمل المؤسسة الحاكمة الامريكية, فهي التي تؤثر في المشهد السياسي , والاقتصادي والاعلامي. مثلاً, جميع وسائل الاعلام الرئيسية هي مملوكة بشكل مباشر للدولة او من اشخاص من داخل الاسرة المالكة او مقربيين من الحكم. اقتصادياً, المؤسسة الحاكمة تتحكم في ارامكو وهي اهم ماتملكه السعودية لتمويل اقتصادها. اقتصادياً, الاقتصاد السعودي ماهو الا عبارة عن تدوير للاموال التي تأتي من ارامكو. سياسياً الحكم ملكي وراثي ولايوجد اي تأثير عليه من خارج المؤسسة الحاكمة. هناك بطبيعة الحال فروق ضخمة بين المؤسسة الحاكمة الامريكية والمؤسسة الحاكمة السعودية في الشكل والمهام. في امريكا يبدو الامر بطريقة اكثر احترافية وان هناك تداول سلمي للسلطة بين فريقين وان للشعب حرية الاختيار وهذا امر صحيح بشكل نسبي, وهناك ايضاً لامركزية في السلطة, بل توزيع للسلطات ابتداء من الحكومة الفيدرالية, نزول الى مستوى الولايات حتى المقاطعات, و اغلب (باستثناء الجهاز البيروقراطي) من هم في المكاتب ويقومون بالعمل المدني هم عبارة عن اناس منتخبين من قبل الشعب ابتداء من عمدة الحي الى رئيس الدولة. في السعودية الامر لايسير على هذا النحو. بل هي دولة مركزية والمركز يتحكم في كل شارع في داخل البلد والانتخابات لاوجود لها, سوى انتخابات محلية تسمى الانتخابات البلدية. ولكي تفهم كيف تشكلت المؤسسة الحاكمة في اي بلد عليك بقراءة تاريخ ذلك البلد ومعرفة التطورات  الاقتصادية والسياسية الاجتماعية التي حدثت من خلال مساره التطوري وصولاً الى الحاضر وماهية العوامل التي لاتزال تلعب دوراً في تشكيل اللحظة الراهنة. وجود مؤسسة حاكمة ليس شراً مطلق او خيراً مطلق. الامر نسبي, في بعض الاحيان تتقاطع مصالح المؤسسة الحاكمة مع مصلحة الاكثرية وهذا ينتج سياسات جيدة, وبعض الاحيان تتعارض تلك المصالح وينتج الصراع, لذا المؤسسة الحاكمة تكون في وضع جيد كل ما تقاطعت مصالحها مع مصالح الاكثرية وهذا ينتج استقرار سياسي نسبي

نريد التعرف على ملامح المرشح الذي سوف يخوض الانتخابات في السعودية ويتشارك مع هيلاري كلينتون في توجهاته؟ كما ذكرت سابقاً, هيلاري هي ابنة المؤسسة الحاكمة الامريكية وهي من داخل تلك المؤسسة. المرشح السعودي الذي يحمل مواصفاتها يجب ان يكون من داخل المؤسسة الحاكمة. شخص يكون قد تقلد عدة مناصب في الدولة وهو خبير في كيفية ادارة الامور في المطبخ السياسي ويفهم توازنات القوى الداخلية والخارجية, بالاضافة الى انه مرشح تشعر المؤسسة الحاكمة انها لن تجد صعوبة في التعامل معه بل هو مرشحها المفضل, لانه لن يتطرف سياسياً في مواقفه, بل سوف يلعب في المنطقة الآمنة التي تحافظ على وضعية الاستقرار السياسي. سوف اقوم بأخذ عدة مواضيع على انفصال لتحليل المواقف السياسية لهيلاري كلينتون وفي نفس الوقت اقارن تلك المواقف للمرشح السعودي الذي يحمل مواصفات هيلاري 
 
الاقتصاد-المؤسسات الحاكمة دائماً لاتريد تغييرات اقتصادية راديكالية وكبيرة لان النظام الاقتصادي في الاساس يخدمها وهو قائم"اي النظام الاقتصادي" ليحافظ على توازن المؤسسة الحاكمة. دائماً او كما جرت العادة ان من يطالب بتغيرات راديكالية في الاقتصاد هم من في خارج المؤسسة الحاكمة ويريدون تغيرات جذرية في النظام الاقتصادي , مثل العدالة في توزيع الثروة والوقوف مع الطبقات الفقيرة في مواجهة الطبقات الغنية وهلم جر من هذه الشعارات الثورية. التغيرات الجذرية والراديكالية في الاقتصاد لا يمكن ان تحدث دون تغيير سياسي راديكالي, كما حدث مع الثورة الروسية 1919 وما تلتها من ثورات يسارية راديكالية, والثورة المصرية 1952 وقوانين ملكية الاراضي الذي اعاد توزيع الارض ومن ثم تأميم قناة السويس.  ابناء المؤسسات الحاكمة ليسوا راديكاليين اقتصادياً ويفضلون بقاء كل شي على ماهو عليه مع اجراء فقط بعض التغيرات (كما يحدث حالياً في السعودية من خطط تقشف, لا يوجد تغير جذري اقتصادي, وانما فقط تقليل من حجم الريع). في تحليلها لماذا خسرت هيلاري ذهبت مجلة اتلانتك الى السبب التالي وهو غياب الرسالة الاقتصادية. اقتباس من المجلة " يقول النقاد, ان رسالة الحملة (اي حملة هيلاري) ركزت اكثر على القضايا الاجتماعية واحتضان التنوع الاجتماعي, مثل " اقوياء مع بعض" و"من نكون" اكثر من تركيزها على قضية العدالة الاقتصادية. هذه النتيجة (اي التركيز القليل على العدالة الاقتصادية) هي تتويج لعملية طويلة الاجل والتي بدأت منذ وقت طويل من قبل الحزب الديمقراطي الذي ابتعد كثيراً عن الطبقة العاملة وقضايا الطبقة العاملة على مر السنين واصبح حزب الطبقة المهنية".[7]. من الاقتباس تستطيع ان تستنتج حقيقة التوجه الاقتصادي الذي سارت عليه هيلاري, وهو خدمة الطبقات الاغنى وذات النفوذ والسيطرة على مفاصل الاقتصاد.  الطبقة المهنية هي الطبقة الاعلى من الطبقة المتوسطة واقل من الطبقة الاغنى في المجتمع. في مقال في جريدة وول ستريت جورنال يعرف الكاتب مارك بيين الطبقة المهنية بالتالي " التعريف التقليدي للمهني لايزال سارياً: الاشخاص الحاصلين على شهادات عليا في الطب, القانون واللاهوت. لقد وصلوا الى اعداد قياسية, تقترب من 10,000 في العام"." لقد توسع تعريف من هو المهني مؤخراً, معظم الناس في مجالات الاعلانات, الرعاية الصحية وعلوم الكمبيوتر يعتبرون انفسهم من الطبقة المهنية". [8]. ايضاً هناك معيار آخر لهذه الطبقة وهو الدخل. اذا كان دخل الشخص اعلى من 100,000 دولار في العام فهو ينتمي لهذه الطبقة. هذه الطبقة وطبقة الاغنى مثل المصرفيين والمدراء التنفيذيين ونجوم الفن والرياضة والاعلام و هذه هي الطبقات التي كانت تخاطبها هيلاري. كان خطابها مطمئن بان كل شي سوف يكون على مايرام من الناحية الاقتصادية بالنسبة لكم. كانت تقول انها تريد ان ترفع الضرائب على الاغنياء ولكن لم تؤخذ خططها الاقتصادية على محمل الجد ليدور نقاش حولها , من الواضح انها كانت مجرد دعاية انتخابية. الطبقات التي تخاطبها هيلاري هي متعلمة جداً ومشاكلها اجتماعية اكثر من كونها اقتصادية مثل المساواة بين الرجل والمرأة, حقوق المثليين ودعم التنوع الثقافي والعرقي في مجالات العمل. بشكل نسبي كبير,  تلك المشاكل ليست مشاكل الطبقات الاقل تعليماً والاقل دخلاً, فمشاكلهم الاقتصادية تطغى على اهتمامهم بالقضايا الاجتماعية. المرشح السعودي الذي يحمل مواصفات هيلاري في السعودية لن يركز على الاقتصاد بشكل كبير. سوف تجده يدعم برامج مثل السعودة ورفع عدد النساء في اماكن العمل على النمط والطريقة الحالية. بمعنى انه يدعم البرامج الاقتصادية القائمة حالياً و لايريد احداث تغييرات جذرية في الاقتصاد. قد يقول على سبيل المثال"ان برنامج السعودة الحالي خطوة جيدة في المسار الصحيح ونريد تطويره ليشمل عدد اكبر من المواطنيين". كلام عام يوحي بامر واحد فقط وهو ابقاء كل شيء على ماهو عليه. (لاحقاً عندما نتعرض للمرشح السعودي الذي يمثل ترامب سوف نعرف النقيض). هذا المرشح السعودي الذي يحمل مواصفات هيلاري سوف يدعم مثلاً استقدام العمالة الرخيصة من الخارج كما كانت تريد ان تفعل هيلاري بخصوص قضية الهجرة والتي هي استمرار لخط الحزب الديمقراطي في فتح باب الهجرة الى الولايات المتحدة. المرشح السعودي الديمقراطي سوف يوجه خطابه لرجال الاعمال واصحاب المؤسسات الكبيرة والمتوسطة بانه لن يغلق الباب امام اليد العاملة الرخيصة واغراق البلاد بهم. هذه الطبقات غير متضرره من وجود الاجنبي, فهو الاجنبي الدجاجة التي تبيض ذهباً بالنسبة لهم. سوف تكون حجة هذا المرشح السعودي في الدفاع عن استقدام الاجانب كالتالي" الاقتصاد السعودي يستفيد من العامل الاجنبي, وهذا العامل الاجنبي هو من ينظف الشارع, يعمل في البناء,يقوم بتقديم الخدمات للمستهلك السعودي في كافة المجالات. نحن فقط بحاجة الى تنظيم وجود العمالة الغير نظامية اما بترحيلهم او تصحيح اوضاعهم". اقتصادياً, الجميع في السعودية يستفيدون من وجود العمالة الرخيصة, فهي اي العمالة الرخيصة من تجعل تقديم الخدمات رخيص وهذه الخدمات يستفيد منها المواطن الغني او الفقير, بالاضافة الى ان العمالة الوافدة هي المحرك الرئيسي للاقتصاد السعودي في الداخل فهي تشكل السواد الاعظم من عمال القطاع الخاص الذي يقدم الخدمات للمستهلك السعودي. حجج الاقتصاديين الذين يدعمون هذا المرشح السعودي سوف تكون كالتالي" لا يمكن اغفال الفوائد الاقتصادية من وجود هذه العمالة, فهي التي تبقي سعر الساندوتش ريال او رياليين وقس على ذلك. فبدون وجود عمالة رخيصة سوف ترتفع الاسعار لان اسعار التشغيل سوف ترتفع. وجود هذه العمالة يساعد السعوديين على تأجيل الدخول الى سوق العمل ومواصلة التعليم, لان هناك من يقوم بالخدمات في الاقتصاد وباجور رخيصة بدل ان يدخل السعوديين الى سوق العمل في سن مبكره ويشغلون هذه الوظائف التي لا يوجد اقتصاد يمكنه الاستغناء عنها وهذا قد يعقيهم عن مواصلة التعليم". هذه تقريباً نفس حجج الديمقراطيين بخصوص الهجرة في الولايات المتحدة, فهم يقولون اي الديمقراطيين ان هؤولاء المهاجرين يقومون باعمال لا يريد الامريكي القيام بها مثل العمل في الحقول باجور بخسة والعمل في البستنة مثل تزيين حدائق المنازل وغيرها من الاعمال التي تتطلب فقط عمالة رخيصة. المرشح السعودي الذي يحمل مواصفات المرشح  الديمقراطي سوف يكون داعم لرؤية  2030 لعدة اسباب اهمها الخصخصة والتي سوف يستفيد منها رجال الاعمال والطبقات الغنية. فهذه الرؤية لن تتضرر منها الطبقات الغنية بل على العكس لربما تزداد غنى منها وخصوصاً انها تتحكم في المشهد الاقتصادي ككل. سوف يكون خطابه حول الرؤية كالتالي " هي رؤية واعدة فقد حان الوقت للتحول بعيداً عن البترول وتخصيص القطاع الحكومي قدر المستطاع وهذا سوف يخلق فرص عمل للمواطن السعودي ويزيد من كفاءة عمل هذه القطاعات كما حصل مع شركة الاتصالات" . هو يعلم ان الخطط التقشفية وبيع ارامكو لن يتضرر منه شخص دخله مليوني او من هم في هذا المستوى, فهم لا يعتمدون على الانفاق الحكومي العام بشكل مباشر. نعم هم يستفيدون من الاقتصاد الريعي اما عن طريق اخذ المناقصات والمشاريع الحكومية او تقديم الخدمات  للمستهلك ( الذي في الاساس يتلقى دخله من الريع). يمكن تعويض المستهلك في حال اقرت الحكومة خطط تقشفية بالاستثمار الخارجي او حتى الاستثمار الداخلي في مشاريع الخصخصة. هذا المرشح سوف يعد السعوديين بتحسين دخلهم ولكنه في الوقت نفسه سوف يؤكد على الوضع المالي المريح للفرد السعودي فيما يخص الدخل. على سبيل المثال قال ولي  ولي العهد في مقابلة لقناة العربية ان دخل الفرد السعودي من الافضل في العالم. [9]. الامر صحيح دخل الفرد السعودي من الافضل في العالم ومن الافضل على مستوى المنطقة, ولا يتجاوزه سوى بعض دول الخليج كقطر والامارات. ايضاً هذا المرشح سوف يؤكد على قوة الاقتصاد السعودي كونه الاقتصاد الاكبر في الشرق الاوسط وسوف يعد فقط ببعض التحسينات.  المحصلة هو لن يغير في الاقتصاد بشكل جذري مثل ان يطلب باعادة الطريقة التي يوزع بها دخل النفط, وايقاف تدفق العمالة الاجنبية التي تزاحم المواطن في مجالات العمل او التريث في خطط الخصخصة. سوف تكون التغييرات التي يطالب بها هي ما يبقي الحالة الاقتصادية الراهنة تعمل, مثلاً زيادة الضرائب او تقليل الانفاق الحكومي وتسويق الخطط التقشفية انها لصالح المواطن حتى لا ينهار الاقتصاد بسبب هبوط اسعار البترول وتوسع المتطلبات الاقتصادية على كاهل الدولة. الامر صحيح في الحالة السعودية ان التقشف قد يكون السبيل لمنع انهيار الاقتصاد لان الاقتصاد في الاساس مشلول ويعتمد على اسعار نفط مرتفعة حتى يوفر قاعدة لا بأس منها من الرخاء وهو لا يعتمد على القواعد الاقتصادية الطبيعية المتعلقة بالانتاج من عموم السكان حيث ان الطبقة العاملة السعودية الاكبر موجودة في القطاع العام الذي يعتمد على اكثر من 80 % من عوائده من بيع النفط

القضايا الاجتماعية-سوف يركز هذا المرشح السعودي الديمقراطي على القضايا الاجتماعية وقضية المرأة سوف تكون اهم قضاياه. هو لن يتمدى مثلاً ويطالب بتحرير النساء بشكل كامل. لا, هو يفهم توازنات المشهد الداخلي. سوف تكون مطالبه مثلاً بتخفيف القيود حول عمل المرأة والسفر, وتوسيع الاعمال التي يعمل بها الجنسين في مكان واحد, الحث على استقلالية المرأة فيما يخص المعاملات الحكومية, مثل استخراج البطاقة المدنية. سوف يبدي موافقه في قيادة المرأة للسيارة ولكن يتحجج بالوقت المناسب وجهوزية المجتمع. سوف ينتقد التشدد الديني حول قضايا المرأة ويدعم اصوات رجال الدين "المودرن" الذين ينادون بتخفيف القيود التي تعاني منها المرأة وان الاسلام يتيح للمرأة حرية اكبر, وان الامر فقط هو ان بعض المتشددين ينسبون التشدد والغلو الى الاسلام والاشكال يمكن في فهم المتشددين للاسلام. هذا المرشح الديمقراطي السعودي لايريد تفجير الاوضاع الداخلية باخذ مواقف متشدده اجتماعياً سواء الى اليمين او الى اليسار. لا يريد ان يجعل الاسلامي ان يشعر بانه مستهدف وفي نفس الوقت يمنح الليبرالي القليل فيما يتعلق بقضية المرأة. هو اي هذا المرشح سوف يقوم بطرح افكار وسياسات تبقى الوضع الراهن على ماهو عليه من حيث المعالجة, " اي المعالجة البطيئة والخجولة فيما يتعلق باوضاع النساء والتي في اغلبها لا تغير في الوضع الراهن بشكل راديكالي وانما مجرد سياسات لتحسين الصورة في اغلب الاحوال, مثل دخول النساء لمجلس الشورى والانتخابات البلدية التي شاركت بها المرأة (ولكنها مثلاً لا تستطيع ان تقود سيارتها لتصل الى مقر مجلس الشورى او المقر الانتخابي في مشهد اقرب الى الكوميدياء السوداء). هيلاري كلينتون تسمى مرشحة الوضع الراهن. لا حاجة للتغيير لان كل شي على مايرام, كل مانحتاجه هو اصلاحات قليلة هنا او هناك. في ردها على شعار حملة ترامب "لنجعل امريكا عظيمة مرة اخرى" كان شعار حملة هيلاري " نحن عظماء الان" بمعنى اننا لسنا بحاجة للتغير لنصبح عظماء مرة اخرى. هذا المرشح الديمقراطي سوف يعد  باكمال المسيرة الحكومية الحالية فيما يتعلق باوضاع النساء ويصورها على انها قفزات في سبيل وصول المرأة لمكانة اعلى اجتماعياً واقتصادياً. في الشأن الاجتماعي ايضاً سوف يعد بالمزيد من التحسين فيما يخص موضوع الترفيه, وسوف يلمح انه سوف يحاول يزيل المعوقات امام دخول السينما ان امكن (طبعاً هو يلعب على نفس الوتر الحالي وهو تضخيم موضوع السينما وتصوير الامر على انه مشكلة كونية). لن يتمادى كثيراً في الذهاب نحو الانفتاح وتخفيف القيود الاجتماعية مثل اعلان التأييد للحملات التي تقوم بها الحركات النسوية في داخل السعودية,  لانه بحاجة لاصوات اليمين, سوف يبقى هذا المرشح يلعب في المنطقة الرمادية اجتماعياً, محاولاً جمع اكبر عدد من الاصوات. سوف يكون موقفه من الحملات التي تطالب بمنح النساء المزيد من الحقوق التالي " نحن نفهم تلك المطالب ونشعر ان علينا القيام بامر ما, ولكن في نفس الوقت نحن حريصون على حماية المجتمع من كل الاصوات القادمة من الخارج, ونريد ان نحل القضايا فيما بيننا, دون وجود اي طرف خارجي". هذا هو الموقف الرمادي الذي سوف يقوم بالترويج لنفسه من خلاله, وهو اقرب الى التلاعب بالالفاظ

 الاعلام- واين سيقف في هذه الانتخابات السعودية؟ في حالة هيلاري كلينتون وقفت وسائل الاعلام الرئيسية معها مثل سي ان ان والنيويورك تايمز والقناة الليبرالية سي ان بي سي وكانت تغطيتها منحازه بشكل فاضح لهيلاري, بل اظهرت بعض الوثائق التي سربتها ويكيليكس تعاون من داخل هذه المؤسسات الاعلامية مع حملة هيلاري مثل محللة قناة السي ان ان دانا برازيل والتي سربت بعض اسئلة مناظرة بين هيلاري وبيرني ساندرز لحملة هيلاري والتي على اثرها تم تسريحها من القناة. 96% من تبرعات العاملين في الاعلام ذهبت لحملة هيلاري كلينتون في هذه الانتخابات. الحالة في السعودية سوف تكون مشابهه. القنوات الرسمية المملوكة للدولة مثل الاولى والثانية والاخبارية والاقتصادية سوف تُسخر لهذا المرشح, والقنوات الخاصة المملوكة لاشخاص من داخل المؤسسة الحاكمة او مقربين منهم (لاننا لانعرف الكثير حول الملكية وكيف تدار الامور) سوف تقف مع هذا المرشح السعودي مثل العربية وام بي سي وروتانا اضافة الى الصحف المحلية مثل عكاظ والرياض والجزيرة وغيرها. سوف يُسخر هذا الاعلام لهذا المرشح حتى وان حاول ان يظهر الحياد

السياسة الخارجية-هيلاري كلينتون كانت وزيرة الخارجية من 2008-2012 ولايوجد لديها مواقف راديكالية بخصوص سياسة اوباما الخارجية عدى في الملف السوري فهي تريد فرض منطقة حظر طيران داخل سوريا. لم تركز هيلاري كثيراً على السياسة الخارجية وموافقها لن تكون بعيدة عن مواقف اوباما في اغلب الاحوال. هي سوف تتبع الخط الديمقراطي في السياسة الخارجية وكما يسمى الامبريالية الناعمة مثل عدم شن حروب بشكل مباشر, و استخدام الدبلوماسية اكثر من القذائف والصواريخ كما تم في الاتفاق النووي مع ايران. نفس الحال بالنسبة للمرشح السعودي. سوف يركز هذا المرشح على اهمية النهج المتبع الحالي في السياسة الخارجية مثل محاربة النفوذ الايراني في كل مكان ممكن, تقديم الدعم المالي السخي للحلفاء مثل الاردن,مصر باكستان والمغرب. تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة. الدعم المالي السخي للمؤسسات الدولية والمشاركة في المؤتمرات الدولية والتأكيد على دور "المملكة الريادي" في العالم كونها قائدة العالم الاسلامي السني وتقع على عاتقها الالتزامات بما يخدم القضايا الاسلامية. سوف تكون حجج هذا المرشح كالتالي حول ايران ودعم الحلفاء بالمال" ايران اكبر تهديد يواجه المملكة في المنطقة ولايمكن السكوت على التمدد الايراني. دعم الحلفاء سواء اقتصادياً او دبلوماسياً امر حيوي ويخدم السياسة السعودية الخارجية. لا يمكن ان نترك حلفائنا تلتهم ايران وسوف نقدم كل الدعم المالي والسياسي وحتى العسكري للوقوف في وجه ايران". سوف يؤكد هذا المرشح على الدور الاقليمي المهم للسعودية في خلق وصناعة التحالفات الاقليمية ويتشهد بالتحالف في حرب اليمن. سوف يكون موقفه من حرب اليمن على غرار الموقف الحالي. نحن نؤيد الحلول السلمية ولكننا لن نترك اليمن يقع في منطقة النفوذ الايراني وهذا التحالف هو في الاساس لخدمة الشعب اليمني ونطالب الحوثي وعلي عبدالله صالح بالعودة الى طاولة الحوار وتسليم السلاح والالتزام بالقرار الاممي حول اليمن, ومخرجات الحوار الوطني الذي انبثق عن المبادرة الخليجية. سوف يحاول هذا المرشح بناء التحالفات التقليدية للسعودي, مثل علاقات جيدة مع الدول الخليجية والتقارب مع تركيا وعدم قفل الباب امام مصر. سوف يستمر ايضا على النهج الحالي في الملف السوري وان لا مكان للاسد في سوريا, وقد يبدي بعض اللين في ذلك, خصوصاً وان الاصوات التي تطالب برحيل الاسد اصبحت محدودة ولم يعد الوضع كما كان في 2011-2013

من هو المرشح السعودي الذي سوف يحمل مواصفات ترامب او على الاقل يتشارك مع ترامب في توجهات الشعبوية؟ استهل دونالد ترامب حملته الرئاسية بهجوم شرس على المهاجرين من المكسيك. قال ان المكسيك ترسل لنا اللصوص والمغتصبين وتجار المخدرات. وعد ايضاً الناخب الامريكي ببناء جدار في جنوب امريكا على الحدود مع المكسيك يمنع دخول المهاجرين الغير شرعيين من المكسيك وامريكا الوسطى لكي يمنع التسلل الى الولايات المتحدة. كان اي ترامب, ذو توجه اقتصادي راديكالي " كما يدعي في حملته الانتخابية" مع توجهات وسياسيات اجتماعية راديكالية ايضاً

الاقتصاد-ركز ترامب على الاقتصاد كثيراً ولربما كان احد اهم الاسباب في وصوله الى البيت الابيض. خاطب ترامب العمال الامريكيين الذين يعانون من الاوضاع الاقتصادية الحالية واهملتهم النخب الحاكمة سواء من الحزب الديمقراطي او الجمهوري.هاجم ترامب بشراسة اتفاقيات التجارة الحرة وقال انها تسببت في فقدان الامريكيين لوظائفهم لان الشركات الكبيرة تنقل اعمالها خارج الولايات المتحدة بحثاً عن اليد العاملة الرخصية وهذا يعطل خلق الوظائف في داخل الولايات المتحدة. من اكثر الامور التي هاجمها ترامب في حملته الرئاسية كان اتفاقية التجارة الحرة بين دول امريكا الشمالية "نافتا". هذه الاتفاقية ببساطة بين الولايات المتحدة, كندا والمكسيك. الاتفاقية تفتح الحدود للتجارة الحرة بين هذه الدول من خلال ازالة العوائق الجمركية والضرائب على الصادرات والواردات مما ينعش حجم التبادل التجاري بين هذه الدول. على سبيل المثال, اقتبس من مقال منشور على مجلس العلاقات الخارجية حول هذه الاتفاقية جاء فيه " يتفق الاقتصاديون إلى حد كبير أن نافتا قدمت فوائد لاقتصادات دول أمريكا الشمالية. ارتفع حجم التجارة الإقليمية بشكل حاد ( على مدى العقدين الاولين من المعاهدة ، من حوالي 290 مليار $ في عام 1993 إلى أكثر من 1.1 تريليون $ في عام 2016. الاستثمار عبر الحدود قد ارتفع أيضا،  الاستثمار الأجنبي المباشر للولايات المتحدة في الأسهم في المكسيك زاد في نفس الفترة من 15 مليار $ إلى أكثر من 100 مليار $" [10]. تبدو هذه الارقام جيدة ومفيدة للاقتصاد وهذا صحيح ولكن من استفاد الاستفاده القصوى من تلك الاتفاقية؟ قد نجد الاجابة في تقرير في صحيفة الغاردين حول هذه الاتفاقية. اقتباس من تقرير لها حول نافتا "لنضع البنية التحتية المهملة جانبا، فمن السهل أن نرى أن نافتا كانت صفقة سيئة بالنسبة لمعظم الأميركيين. تحولت الفوائض التجارية التي وعد بها الشعب الامريكي مع المكسيك لتصبح عجز (بمعنى ان الامريكان قد قيل لهم ان هذه الاتفاقية سوف تغرق السوق المكسيكية بالبضائع الامريكية ولكن تم العكس). فقد بعض مئات الآلاف فرص العمل، وكان هناك ضغط هبوطي على الأجور في الولايات المتحدة - الذي كان، بعد كل شيء هو الغرض من هذا الاتفاق. هذا الاتفاق لم يكن مثل (منطقة اليورو) للتكامل الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي، التي خصصت مئات المليارات من الدولارات من المساعدات التنموية للبلدان الأكثر فقرا في أوروبا وذلك لسحب مستوى معيشتهم لتصل نحو المتوسط., كانت فكرة نافتا هي لدفع الأجور في الولايات المتحدة إلى الأسفل، لتصبح مثل المكسيك، وخلق حقوق جديدة للشركات في منطقة التجارة: هذه الشركات متعددة الجنسيات سعيدة الحظ يمكها  الان مقاضاة الحكومات مباشرة أمام محكمة دولية صديقة للشركات، ولا تخضع للمساءلة من أي نظام قضائي وطني، (على سبيل المثال البيئية) التي تنتهك و يمكن استخدامها في صنع أرباح" . [11]. اجور العمال في المكسيك منخفضه مقارنة بالعامل الامريكي والتي قد تصل الى 30%, بمعنى ان العامل المكسيكي يحتاج الى ان يضاعف دخله 3 مرات ليصل الى مستوى دخل العامل الامريكي. ارادت الشركات ان تستفيد من مستوى الاجور المتدني في المكسيك فقامت بهندسة تلك الاتفاقية. ترامب اجاد اللعب على هذا الوتر ووعد العمال في امريكا الذين تضرروا من هذه الاتفاقيات باخذ حقوقهم وتمزيق تلك الاتفاقية. قال ان نافتا التي وقعها بيل كلينتون في 1993  كانت كارثة على الشعب الامريكي. ولكن مايقوله ترامب فقط كان لمهاجمة خصمه في الانتخابات هيلاري كلينتون للدعاية الانتخابية, بينما الواقع هو ان نافتا خطه اقرت من الرئيس الجمهوري بوش الاب في 1992 وتم تمريرها من في الكونجرس ومجلس الشيوخ باغلبية جمهوريه (طبقة الاستابلشمنت والترجمة لها الطبقة المسيطرة في الحزب الجمهوري لاتختلف عن مثيلتها في الحزب الديمقراطي في خدمة الشركات والمصالح الكبرى, وترامب كان يسوق لنفسه بانه من خارج هذه الطبقة). بيل كلينتون فقط وضع اللمسة الاخيرة على هذا الاتفاق. في حمى الانتخابات وعندما كان ترامب يهاجم هيلاري بضراوة حول اتفاقية نافتا, نشرت صحيفة الواشنطن بوست التقرير التالي حول نافتا لتظهر مغالطات ترامب. اقتباس من الصحيفة " كان جورج بوش (الاب) ينظر الى نافتا باعتبارها فرصة سياسية. انجاز لحملة اعادة انتخابه.وقع الصيغة الاولية في 12 اغسطس 1992, قُبيل انعقاد مؤتمر الحزب الجمهوري. وبعد ذلك وقع على الاتفاق رسمياً في ديسمبر 1992 بعد ان خسر الانتخابات لمصلحة بيل كلينتون. بيل كلينتون لم يتفاوض حول نافتا او يوقع عليها. هو وضع مكانته السياسية على المحك للحصول على موافقة الكونجرس على هذه الاتفاقية. اثنان من كبار الديمقراطيين في مجلس النواب عارضا تلك الاتفاقية (زعيم الاغلبية الديمقراطية في مجلس النواب ريتشارد جيفارت و ديفيد بينور). تم تمرير نافتا في مجلس النواب باغلبية 234 صوت مقابل 200 صوت: 132 نائب جمهوري و102 ديمقراطي. وافق مجلس الشيوخ على اتفاقية نافتا باغلبية 61 صوت مقابل 38, 34 جمهوري و27 ديمقراطي". [12]. على الرغم من هجوم ترامب الشرس على هيلاري بخصوص اقرار اتفاقية التجارة الحرة الا انها في الاساس كانت مقدمة من الجمهوريين, حيث تم توقيعها من رئيس جمهوري وبتأييد جمهوري كاسح في الكونجرس. عموماً هجوم ترامب على هيلاري هو هجوم على المؤسسة الحاكمة ونخب واشنطن ككل. احس ترامب بالغضب الشعبي حول الاقتصاد وانه اصبح يغني الاقلية في مقابل معانة الاكثرية وخصوصاً العمال, موجهاً خطابه لهم بانه سوف يصحح الاقتصاد المنحاز للاقلية الغنية. خطة ترامب الاقتصادية كما كان يروج لها في حملته الانتخابية تتمثل في اجبار الشركات والمؤسسات التجارية على العمل والتصنيع في داخل الولايات المتحدة. واذا قررت تلك الشركات الرحيل فحينها سوف يكون عليها دفع ضرائب عالية القيمة وتعاريف جمركية لكي تتمكن من بيع منتجاتها في داخل الولايات المتحدة. كانت رسالة ترامب الاقتصادية للعمال في امريكا ان وظائفهم لن ترحل وانه لن يسمح للشركات بتدمير ماتبقى من الصناعة الامريكية وارسالها للخارج. ترامب فتح ملف اقتصادي آخر وهو الحرب التجارية بين الامم. هو وعد بتأديب الصين تجارياً وذلك برفع الضرائب على الواردات, حيث قال ترامب "لا يمكننا الاستمرار في السماح للصين في اغتصاب بلادنا" قال ذلك في اجتماع حاشد في ولاية انديانا في مايو. واضاف "هذا ما يفعلونه. إنها أكبر سرقة في تاريخ العالم". [13]. الصين كانت وكما يقولون الخبراء الاقتصاديون تخفض عملتها لتصبح منتجاتها رخيصة في الاسواق العالمية وهذا يزيد الطلب عليها. ترامب يعد انه سوف يقف في وجه هذا التلاعب. ايضاً ترامب وعد بالصرف على البنى التحتية للبلاد التي اهملت بدل من صرف الاموال على الحروب.,حتى وان كان هناك لغط كبير حول خطته لاعادة اعمار البنى التحتية في امريكا. رونالد كلين مساعد اوباما كتب مقالة في الواشطن بوست حول خطة ترامب لاعادة اعمار البنية التحتية. اقتباس من المقالة " اولاً خطة ترامب في الواقع ليست خطة للبنية التحتية. هي خطة لخفض الضرائب لفائدة الصناعة والمستثمرين في قطاع البناء, وخطة مساعدة اجتماعية لشركات المقاولات الضخمة. خطة ترامب لا تمول بشكل مباشر بناء الطرق الجديدة  والمطارات والجسور وشبكات المياة. كخطة هيلاري كلينتون المقترحة. بدلاً من ذلك, توفر خطة ترامب الاعفائات الضريبية للمستثمرين من القطاع الخاص الذين يدعمون مشاريع البناء المربحة". [14]. الجدل متصاعد هذه الايام في الولايات المتحدة خول خطة ترامب للبنى التحتية بسبب تخفيض الضرائب على شركات المقاولات والبناء, والتي يتهم الديمقراطيين وفي مقدمتهم بيرني ساندرز هذه الخطة بانها حيلة لتنفيع الشركات تحت غطاء اعادة بناء البنى التحتية. [15]. تستطيع ان ترى توجهات ترامب الشعبوية والادعاء انه ينحاز الى الطبقة المتوسطة في مواجهة الطبقات الاغنى. المرشح السعودي الذي يحمل مواصفات ترامب سوف يركز على الاقتصاد كثيراً بل ان الاقتصاد سوف يكون مشروعه السياسي الابرز على عكس المرشح الذي يحمل مواصفات هيلاري والذي يركز على القضايا الاجتماعية. المرشح السعودي الترامبي سوف يستهل حملته الانتخابية بهجوم شرس على العمالة الوافدة وكيف انها تسببت في اغناء القلة في مقابل اضراراها الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية على الداخل السعودي. سوف يركز على ان وجود العمالة الرخيصة تتسبب في رفع اعداد البطالة بين صفوف المواطنيين الذي لا يمكنهم مجاراة هذه العمالة الوافدة اقتصادياً, لانها اي العملة مستعدة على ان تعيش على 1500 ريال شهرياً, بينما المواطن من المستحيل ان يعيش بهذا الدخل.الارقام والبيانات الاقتصادية تؤكد صحة وجهة نظر هذا المرشح, فالقطاع الخاص غير جذاب للسعوديين لان الاجور به متدنية مقارنة بالقطاع الحكومي, والسبب وجود العمالة الرخيصة. وزير العمل السعودي اكد على هذه الحقيقة, حيث جاء التالي على لسان وزير العمل في خبر في صحيفة الشرق الاوسط" اكد الدكتور مفرج الحقباني وزير العمل ان تدني اجور القطاع الخاص يعود الى سيطرة العمالة الوافدة على سوق العمل باعداد كبيرة, مبينا ان اعداد الوافدين في القطاع الخاص تقدر بحوالي 9 مليون عامل" [*].   في تقرير نشرته صحيفة الاقتصادية جاء فيه ان نسبة 76% من الاجانب في القطاع الخاص يتقاضون اجور اما 1500 ريال او اقل وفقاً لهذا التقرير
جاء في الخبر "أظهر تقرير رسمي أن نحو 6.3 مليون أجنبي يعملون في القطاع الخاص رواتبهم الشهرية 1500 ريال وأقل، يشكلون 76.4 في المائة من الوافدين المشتركين في التأمينات وعلى رأس العمل في القطاع، والبالغ عددهم نحو 8.2 مليون مشترك بنهاية الربع الثالث من العام الماضي. [*]. الخبر من الصحيفة

هذه العمالة الرخيصة احد اكبر التحديات التي تعيق اصلاح الاقتصاد السعودي فهي تحتاج الى خطوات سياسية, اقتصادية واجتماعية لاصلاحها والاقتصاد السعودي كبر وتوسع على وجود هذه العمالة الرثة ضعيفة المهارات. في تقرير وان كان قديماً نوعاً ما يعود الى سنة 2011 (ولكن هذا لا يعني انه غير صحيح في الوقت الحالي), وجد هذا التقرير ان نسبة 85% من العمالة الاجنبية واكثر أمية. جاء في التقرير" تخطت

نسبة العمالة الأجنبية الأمية بالمملكة 85% لعام 2010م ، وتضم هذه النسبة العمالة الأمية و الحاصلة على التعليم الابتدائي.جاء ذلك في أحدث إحصائية للعام الماضي ، وتصطدم هذه النسب بمبرر الاستقدام لدفع عجلة التنمية والمنحصر في التخصصات النادرة كتخصصات الأكاديمية ، والتخصصات الدنيا كالبناء، وفق ما ذكره المستشار الاقتصادي في وزارة الاقتصاد والتخطيط الدكتور أحمد صلاح." [*]. المرشح الترامبي سوف يركز على هذا القضايا وهي جعل الاقتصاد السعودي مكب للعمالة الرخيصة الغير ماهرة, مما يعيق نمو وتطور قوة العمل السعودية. في نفس التقرير جاء ايضاً ان نسبة 76% من النساء الحاصلات على الشهادة الجامعية يعانون من البطالة. تخيل ان تستقدم عمالة امية في مقابل لديك نسب بطالة مرتفعة في صفوف الجامعيين. هذا يدلل على عدم وجود تنسيق وغياب للرؤية في التخطيط الاقتصادي التي ترصد له ميزانيات مليارية في كل عام وهاهي النتيجة التي بالتأكيد سوف يستغلها هذا المرشح لحشد المزيد من التأييد له من قبل المواطنين الغاضبين 
سوف يركز ايضاً هذا المرشح الترامبي على ان البطالة هي بسبب جشع الشركات التي تفضل ان تستقدم العامل الرخيص بدل ان تدفع للمواطن السعودي مايجعله يعيش حياة كريمة. لنتخيل هذا المرشح الترامبي وهو يعلق على برنامج السعودة "نطاقات" وهو برنامج اعد من وزارة العمل لتشجيع توظيف السعوديين في القطاع الخاص. في حفل جماهري حاشد سيخاطب الناس ترامب السعودي الناس بالتالي " ايها الناس هل سمعتم عن برنامج نطاقات؟! هذا البرنامج المعد لتوظيف السعوديين يقول للشركات وظفي السعودي وسوف نمنحك المزيد من التأشيرات لجلب عمالة من الخارج! اي هراء هذا! اتعلمون ايها الناس ماذا تفعل الشركات؟ هي تجلب السعودي العاطل وتعطيه مبلغ زهيد من المال قد لا يصل الى الف ريال لتثبت انها توظف السعوديين على الورق وتحصل على المزيد من التأشيرات. عندما تنتخبونني سوف يتوقف هذا الهراء. سوف اجبر الشركات اما على توظيف السعودي او رفع رسوم الاستقدام وجعلها مكلفة جداً وسوف نستثمر تلك الاموال لبناء مشاريع متوسط وصغيرة للسعوديين" انتهى خطاب ترامب السعودي.  البطالة مشكلة مزمنة في السعودية وهي مشكلة معقدة الحلول لاسباب اقتصادية, منها ان الاقتصاد ريعي ويعتمد على انفاق الحكومة التي تعتمد على اسعار نفط مرتفعة وعندما تهبط اسعار النفط تدخل البلاد في حالة انكماش وترتفع اعداد العاطلين عن العمل. ارتفعت نسبة البطالة مؤخراً حسب الارقام الحكومية, والتي يجادل بعض الاقتصاديين انها لاتعكس الحقيقة بل ان نسب البطالة اعلى بكثير من الارقام المعلنة. في خبر نشر مؤخراً في صحيفة الاقتصادية "بلغ عدد العاطلين السعوديين وفق نتائج مسح القوى العاملة بنهاية الربع الثالث من العام 2016، نحو 693.8 ألف عاطل سعودي بمعدل بطالة 12.1 بالمئة (العاطلون من قوة العمل السعودية البالغة 5.72 مليون فرد) منهم 254.1 ألف عاطل من الذكور." [16]. سوف يستغل هذا المرشح الترامبي هذه الارقام التي تعكس احباط من الاوضاع الحالية وعدم اليقين بالمستقبل ويستثمرها لصالحه. المستقبل تبدو به بعض السوداوية للوضع الاقتصادي في السعودية حتى مع طرح رؤية 2030 ولكن الناس ترى تدهور الحالة الاقتصادية في معيشتهم اليومية. مشكلة البطالة سوف تبقى مشكلة مزمنة في الاقتصاد السعودي وقد يزداد الامر سوء اذا استمر معدل خلق فرص العمل كما هو علية مع ازدياد في عدد الداخلين الى سوق العمل . في تقرير لصندوق النقد الدولي توقع ان تتضاعف مستويات البطالة في السعودية في غضون خمس اعوام اذا استمر الوضع على ماهو علية. اقتباس للخبر "توقع تقرير حديث لصندوق النقد الدولي، ومقره الولايات المتحدة- ارتفاع نسبة البطالة إلى 23.5 بالمئة في السعودية ما لم يتم زيادة توظيف العمالة الوطنية في القطاع الخاص خلال السنوات الخمس المقبلة" [17]. في مقابل ازدياد اعداد البطالة بين السعوديين ارتفعت نسبة استقدام العمالة في القطاع الخاص حيث بلغت اعلى مستوياتها في 2015

 
رسم بياني يوضح اعداد تأشيرات الاستقدام والتي بلغت 2.03 مليون تأشيرة في 2015 . [18]. حالة الاقتصاد والغضب الشعبي من وجود هذه الاعداد الكبيرة من الاجانب سوف تكون فرصة ثمينة ليستثمرها المرشح الترامبي السعودي وبالتأكيد هذه القضية لوحدها سوف تجلب له مصوتيين حتى وان اختلفوا معه في القضايا الاخرى. ايضاً هذا المرشح سوف يركز على جعل القطاع الخاص اكثر جاذبية للسعوديين وذلك من خلال تقليص عدد الاجانب وذلك سوف يجبر الشركات والمؤسسات على توظيف السعودي باجور جيدة طالما انه خيارهم الوحيد. ملف الاستيراد سوف يكون ملف ساخن اقتصادياً لهذا المرشح الترامبي. ترامب هاجم الصين والمكسيك بانها تسرق الوظائف من الامريكيين وفي نفس الوقت يستفيدون من بيع بضاعئهم في السوق الامريكية مما يجعل هناك عجز في الميزان التجاري الامريكي لصالح هذه الدول. في الحالة السعودية سوف يهاجم هذا المرشح جعل السعودية سوق للواردات والذي يعطل من نمو صناعة وطنية محلية. سوف يعد بتنشيط حركة الصناعة السعودية والاعتماد اكثر على الانتاج المحلي وحماية الانتاج المحلي برفع اسعار التعاريف الجمركية مما يجعل تدفق البضاعة الرخيصة مكلف للمستورد, وهذا سوف يخلق المزيد من فرص العمل. سوف يعد هذا المرشح الترامبي باعادة بناء البنية التحتية المترهلة والتي اثبتت السنوات الماضية انها عاجزة على مقاومة الامطار والسيول, وفي نفس الوقت زاد عدد السكان مما جعل المدن الكبيرة غير قادرة على تلبية الحاجات الاساسية للسكان, مثل الصرف الصحي, المياة وحتى الكهرباء في بعض المناطق, اضافة الى ان الاختناقات المرورية اصبحت السمة السائدة للمدينة السعودية الكبيرة وذلك لسوء التخطيط في المقام الاول وحجم الفساد الكبير في تنفيذ مشاريع البنية التحتية. يمكن تلخيص خطة ترامب السعودي الاقتصادية في التالي: 1-تقليل اعداد الوافديين والحد من استقدام العمالة الرخيصة. 2- اجبار الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص على سعودة الوظائف وذلك باستخدام اسلحة اقتصادية لاجبارهم على هذه الخطط. 3- الحد من الواردات وذلك بفرض ضرائب مرتفعة عليها لتنشيط الصناعة الداخلية. 4-الاستثمار في البنى التحتية وذلك لخلق فرص عمل وتحسين جودة الخدمات للمواطنين


  القضايا الاجتماعية- ترامب مرشح شعبوي كما يصفه البعض, فهو اي ترامب يلقى تأييداً من الامريكي الابيض. حصل ترامب على نسبة 63% من اصوات الرجال البيض و 53% من اصوات النساء البيض (على الرغم من اظهاره بعض الاحتقار للنساء كما حدث مع مذيعة فوكس نيوز ميغان كيلي). في مقال في صحيفة منتديات الميديا وهي صحفية مستقلة امريكية تناولت تأييد البيض لترامب, اقتبس من المقالة " غالبية الأميركيين البيض أدلوا بأصواتهم للرجل الذي كان يدير حملة متسقة من التعصب والكراهية والانقسام العنصري. قررت أغلبية من الأميركيين البيض بالتصويت لرجل ناشد ظاهريا للتفوق الأبيض والعنف الذي سوف يطال  الاميركيين السود، الهنود الحمر، الاسبان، الاسيويون، اليهود وجزء من المجتمع المثلي" [19]. قد يجادل البعض ان هذا مجرد انحياز من اليسار الليبرالي ضد ترامب لتشويه صورته. لكن ترامب يثير المزيد من الجدل بتعينه لرجال مثيرين للجدل حول خلفياتهم العنصريهم مثل ستيف بانون. ستيف بانون كان المدير التنفيذي لموقع الكتروني يمني متطرف وهو رجل مثير للجدل حول خلفيته العنصرية المعادية لكل ماهو ليس ابيض. تعيين ستيف بانون في منصب مساعد وكبير المستشاريين للرئيس المنتخب دونالد ترامب لقي ترحيب من الحركات اليمينية المتطرفة. في خبر حول تعيين ترامب لستيف بانون " أيد علناً قادة الحركة القومية البيضاء والتي تسمى اليمين البديل تعيين ترامب لستيف بانون- والذين جميعهم يعارضون التعددية الثقافية ويتبادلون الاعتقاد بتفوق العرق الابيض والحضارة الغربية- والذين ايدوا بشكل علني ترامب خلال حملته الانتخابية  حول موقفه من المهاجريين من المكسيك, المسلمين واعادة توطين اللاجئين."[20]. التأييد العلني لترامب من قبل الجماعات التي توصف بانها عنصرية ومتطرفة امر لا لبس فيه وواضح للعيان واظهار الفرح والنشوة كان العلامة المميزة لهم بعد فوز ترامب. انقل من مقال نشر مؤخراً في الواشنطن بوست حول الجدل حول تعين بانون والجدل الذي رافقه ذلك التعين. اقتباس "في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في يوليو، اشاد ستيفن بانون بموقعه الالكتروني الذي عمل فيه في السابق، معلنا: "نحن المنصة لليمين البديل" ولكن يوم الثلاثاء، قال الرئيس المنتخب دونالد ترامب لصحيفة نيويورك تايمز أن بانون، اختياره لكبير الاستراتيجيين في البيت الابيض، ليست جزءا من تلك الحركة التي تدعي تفوق البيض." [*]. ملف قضايا المرأة ومساوتها بالرجل احد القضايا التي تقاومها حركات اليمين البديل. هل كان دونالد ترامب يهاجم النساء بشكل عفوي ام ان له اهداف سياسية ايضا؟ هذه الحركات اليمينية في حرب مع الحركات النسوية, وهي تريد اي تلك الحركات اعادة المرأة الى دورها التاريخي التقليدي في البيت. اقتبس من نفس مقالة الواشطن بوست حول كيف ترى تلك الحركات اليمينية النساء " المدون الذي ينتمي الى اليمين البديل مات فورني يجادل: النساء في هذه الحركة ( اي اليمين البديل) هم "عروض جانبية" ولسن "الفعل الرئيسي". حيث يقول "مناشدة النساء (للانضمام لحركة اليمين البديل) هو ممارسة لا طائل منها. يجب ان يركز اليمين البديل على تجنيد الرجال الشباب, فهم وقود الثورة. عندما يبدأ المد في التوسع, النساء سوف يتدفقون.... لا تسيئون فهمي, الامر ليس ان النساء غير مرغوب بهم في الحركة, ولكنهم عنصر غير مهم." اكمل من نفس المقالة تعليق حول موقف اليمين البديل من النساء " كاس مدي, استاذ العلوم السياسة الهولندي الذي يدرس التطرف السياسي والجماعات القومية في جميع انحاء العالم يقول ان هذه الجماعات تميل للمدارس القديمة المتحيزة ضد المرأة الى حداً كبير.يقول هم يعتقدون ان اولوية المرأة القصوى يجب ان تكون انجاب وتربية المزيد منهم. واضاف, الاعتقاد ان المرأة هي اقل شأنا اخلاقياً وفكرياً من الرجل هي فكرة مشتركة بين هذه جماعات اليمين البديل وهو امر نابع من الخوف. "الحط من شأن المرأة" هو التفسير الجنسي لكراهية للاجانب كما يقول كاس"وجهة نظرهم  حول المرأة هي نفس وجهة نظرهم حول المهاجرين والاقليات, انهم اي النساء تهديد لطريقتهم في الحياة. الحياة التي يكون بها الرجل مهيمن. الحياة التي لديهم بها كل الامتيازات [*].  ايضاً في الواقع ان قضية العرق الابيض والحركات اليمينية هي قضية شائكة ومعقدة وتحتاج  للمزيد من البحث والاطلاع, فليس كل البيض في سلة واحدة, فهم اي البيض بينهم تفاوتات طبقية حالهم كحال اي عرق او امة. على سبيل المثال هناك طبقة الواسب ,وهي اختصار لاربعة كلمات ابيض-انجلوساكسون-بروتستانتي, وهي الطبقة الغنية المثقفة التي أسست امريكا والتي يدور حول عملها الغموض وانها هي من يحكم الولايات المتحدة. و لكن في الواقع هذا لاينفي ان  هناك هوية بيضاء لامريكا. في محاضرة للبروفسور اندرو فريزر وهو متخصص في دراسة التاريخ حيث قال ان الهوية البيضاء لامريكا تشكلت من وجود العبودية ووجود السود اشعر البيض بتميزهم, وكونك ابيض يعني انك مميز سواء كنت من اصول انجليزية او ايرلندية او المانية او هولندية. [*]. القضية شائكة ومعقدة عندما تذهب الى الاعراق, واعتقد ان تناول المسألة بحذر فيما يتعلق بالانتخبات الامريكية الاخيرة هو امر جيد لتحري الدقة وعدم الانسياق الى آراء سطيحة.  بالتأكيد ترامب كمرشح لا يتبنى مثل هذه الاراء المتطرفة علانية ولكنه يتصرف بما يوحي انه يغازل تلك التيارات. ترامب سياسي حتى وان ادعى انه مجرد رجل اعمال فقط ويتصرف كما يتصرف اي سياسي له حساباته الخاصه. على سبيل المثال, اغلب الساسة في الدول العربية التي بها نزاعات طائفية يقولون انهم يدينون الطائفية وفي الواقع هم يتغذون من وجود الطائفية, وهذا الحال مع ترامب. مرشحنا الترامبي السعودي لن يكون مثل المرشح الذي يحمل مواصفات هيلاري والذي يدعي انه مرشح للجميع. سوف نجد هذا المرشح الترامبي يغازل اليمين وذلك باستخدام الورقة الطائفية لانه يعلم ان هذا امر يروق للسلفيين. ايضاً سوف يؤكد على حق السلفي في ممارسة نشاطاته الدعوية ويهاجم التنظيم الحكومي للعمل الدعوي. سوف يعد بالقضاء على الارهاب في العوامية وردعها ودعم الحلول الامنية هناك. (ترامب يؤيد الشرطة الامريكية في استخدامها للعنف ضد السود ووعد بدعم الشرطة, وهذا امر يروق لكثير من  البيض). طبعاً هذا المرشح الترامبي السعودي سوف يهاجم الحركة النسوية السعودية لجذب المزيد من الرجال كما فعل ترامب في امريكا. سوف يؤكد على الدور التقليدي للمرأة كونها زوجة وربة منزل ويهاجم التوجه الحكومي في افساح والتوسع في عمل المرأة. الهجوم على الحركة النسوية ليس المستهدف به فقط الرجال, فهناك نساء تهاجم الحركة النسوية بشدة, ربما اكثر من الرجال انفسهم وتتهم هذه الحركة بالتغرييب والانحلال ونشر التحرر بين صفوف النساء المسلمات. انت لا تحتاج الى ان تكون عالم في العلوم السياسية لكي تستنتج موقف اليمين السعودي من المرأة. اليمين السعودي والتي تشكل اطيافه التيارات الدينية ربما يتفق في امر وحيد وهو العداء لفسح المجالات العملية والتعليمية للمرأة والتوسع في اعطائها المزيد من الحقوق, لايهم ان تكون سلفي او اخواني فانت دائماً مناهض للحركات النسوية ومطالبها. وهم اي هذا اليمين السعودي لا يختلف عن اليمين البديل الامريكي في نظرته للمرأة كونها فقط وعاء انجاب. بطبيعة الحال, اليمين السعودي ليس منظم بما يكفي سياسياً, ولكنه ذو حضور اجتماعي لابأس به, فهو اي اليمين ربط نفسه بالمعتقد الديني للسكان وادعى حق التمثيل لهم, ولكنه لايزال ضعيف الى حد اللحظة سياسياً, لذا هذا المرشح الترامبي سوف يستغل ضعف هذا اليمين , بالاضافة الى ان الميول نحو الليبرالية والتحرر في المجتمع السعودي لاتزال في بداياتها, وان الاغلبية والسواد الاعظم لازالت تميل الى التيارات المحافظة. مرشح مثل ترامب سوف يكون جيد للمجموعات الدينية والاثنية التي تعتقد ان هناك غريبا قادماً مختلف عنهم يهدد نمط حياتها وطريقتها في العيش. في الانتخابات الامريكية الاخيرة, هزمت المدينة الصغيرة المدن الكبرى, حيث حصل ترامب على 62% من اصوات المدن الصغيرة, بينما هيلاري حصلت على 34% من اصوات الناخبيين. في المدن الكبيرة حصلت هيلاري على 59%, بينما حصل ترامب على 35% من اصوات الناخبيين في المدن الكبيرة. المدن الكبيرة اكثر انفتاح وتنوع وميلاً للتيارات الليبرالية, بينما المدن الصغيرة هي اقرب للتيارات المحافظة والتي تريد استمرار نمط وطريقة حياتها. ترامب وعد بسد باب الهجرة, وهذا يروق للمحافظ الذي يريد ان يشعر بانه غير مهدد من غريب مختلف عنه عرقياً وثقافياً, وهذا الغريب قادم من بيئة وثقافة يعتبرها هذا المحافظ اقل شأناً ولايمكن ان تندمج قيم هذا الغريب مع القيم التي يتبناها هذا الابيض المحافظ. في الحالة السعودية الامر مختلف قليلاً, فلا توجود فروق ثقافية ضخمة بين المدن الصغيرة والمدن الكبيرة الا في في استثنائات قليلة. في الاساس المدن السعودية لاتزال حديثة وهي لم تتشكل وتكبر وتتوسع بهذا الحجم  الا بعد الثروة النفطية وهي عبارة عن قرى بحجم مدن, اقصد من الناحية الاجتماعية والثقافية. المدينة السعودية لم تتطور ذاتياً, بل هي عبارة عن مدن متوسعه توسعاً اصطناعياً من خلال اموال النفط. قد يكون الدليل على هذا ان المدن التي أُهملت حكومياً ولم تتلقى الكثير من اموال الريع بقيت على حالها ولم تتوسع كثيراً. ترامب السعودي لن يعاني من الفروق الثقافية الضخمة بين المدينة الصغيرة والمدينة الكبيرة كما حدث في الانتخابات الامريكية
 

السياسة الخارجية-هاجم ترامب وبشدة سياسة اوباما الخارجية واعتبرها كارثية وهو يهاجم الخط التقليدي للسياسة الامريكية الخارجية. ترامب يقول نحن ندعم الحلفاء مجاناً ولا نستفيد من حمايتهم, يجب ان يدفعوا لنا مقابل ان نحميهم, وذكر حلف الناتو, كوريا الجنوبية, اليابان والسعودية. [21]. ترامب ايضاً دعى الى تسليم سوريا الى روسيا وقال لندع بوتن يقاتل الارهابيين هناك. ايضاً دعى الى علاقات جيدة مع روسيا وبوتن تحديداً, حيث قال يمكن ان اعقد صداقة مع بوتن. هذه المواقف السياسية الغير تقليدية كانت لافته وقد وجد بعضها بعض التأيد حتى من اشد اعداء ترامب والذين لايريدون حرباً مع روسيا. المرشح السعودي الترامبي سوف يهاجم السياسة الخارجية الحالية ويتهمها بانها عديمة الجدوى وتتيح للآخرين مص ثروات السعوديين في مقابل لا شيء. سوف يهاجم منح المليارات الى السيسي ولبنان والمغرب. سوف يقول " انظروا لقد دعمنا السيسي بالمليارات وهاهو يدير ظهره الينا ويحاول التقارب مع ايران, اذا اراد السيسي المال فعليه ان يرسله جيشه الى اليمن ليحارب معنا والا لن يحصل على دولار". لبنان " اذا ارادوا المال فعليهم ان يجلبوا حسن نصر الله الينا مكبلاً بالسلاسل".  ايران, سوف تكون قضية ساخنة فهي لها حساباتها الخاصة. جميع المواقف محتملة من هذا الترامبي السعودي, قد يصعد اللهجة ضد ايران ويتهمها بنشر الطائفية ليجلب اصوات اليمين السلفي, او ينحوا نحو مواقف اقل تشدداً مثل لا يمكن ان نبقى اعداء الى الابد ويجب علينا تسوية المسائل بما يضمن حقوق كل بلد في النفوذ الاقليمي. هذا المرشح يعرف التململ الشعبي الداخلي من خط السياسة الخارجية الحالية في السعودية, والتي تعتمد على الانفاق والانفاق والانفاق ونتائجها ضعيفه, فها هي السعودية وبعد صرف مئات المليارات على الحلفاء لعقود تُركت وحيدة في حرب اليمن ولم تحصل الا على سوى مواقف شكلية من دول كمصر وباكستان والمغرب. الاوضاع الاقتصادية في الداخل السعودي تجعل هذا المرشح الترامبي يستغلها ويعد بتصحيح المسار للسياسة الخارجية. السعوديون اليوم يقولون وبشكل علني لماذا تدفع المليارات للخارج بينما الداخل يعاني من بطالة, وتردي للبنى التحتية وضعف في الاجور بل تم انقاصها وفرض المزيد من الضرائب

الاعلام- سوف يقف الاعلام التقليدي في وجه هذا الترامبي ويهاجمه بضراوة بينما يتمتع منافسه بتغطية اعلامية مريحة, كما حدث مع ترامب وهيلاري في امريكا. ركز الاعلام الامريكي الرسمي على تسجلات لترامب حول امور جنسية, في نفس الوقت لم يغطي الاعلام بكثافة الفضائح التي كانت تنشرها ويكيليكس حول فساد هيلاري. الاعلام الجديد متمثل في وسائل التواصل الاجتماعي ستقف مع ترامب السعودي وتستطيع ان ترصد الانفصام والتباعد بين الاعلام الرسمي الموجة والاعلام الجديد الشعبي. في حمى ثورات الربيع العربي كان الاعلام الرسمي السعودي مثلاً مثل العربية تقف مع من تدعمه الحكومة السعودية مثل حسني ولاحقاً السيسي في مقابل ان الاعلام الجديد يقف على النقيض وكان مكتسحاً من الاخوان والتيارات الجهادية السلفية. اتذكر بعدما حصلت احداث رابعة في صيف 2013, كان يخيل الي ان هذه الاحداث وقعت في جدة او الرياض وليس مصر من شدة تعاطف السعوديين معها ووضعهم صور وشعارات رابعة في مقابل ان الاعلام الرسمي كان يقف في صف السيسي, مما اجبر الحكومة السعودية لاحقاً على تجريم ومعاقبة من يضع مثل هذه الشعارات, وهذا يؤكد على وجود تباينات حادة بين توجهات الحكومة وتوجهات شرائح اجتماعية كبيرة ولها ثقلها في الساحة السعودية

اختم هذا المقال بتحديد طبيعة الناخب الذي سوف يصوت اما لهيلاري السعودية او ترامب السعودي. في البداية نستعرض بعض الارقام حول طبيعة الناخبيين في الانتخبات الامريكية الاخيرة وكيف صوتوا لهذا المرشح او ذاك. هذه الارقام وفقاً  لنيويورك تايمز [22]
التصويت حسب العرق, حصل ترامب على 58% من اصوات البيض, بينما حصلت هيلاري على 37%

حصل ترامب على 8% من اصوات السود, بينما حصلت هيلاري على 88


 الجنس, حصل ترامب 53% من اصوات الرجال, بينما حصلت هيلاري على %41

 النساء ترامب حصل على 42% بينما حصلت هيلاري على %54

العمر, الفئة السنية بين 18-29 حصل ترامب على 37% بينما حصلت هيلاري على 55

الفئة العمرية 65 واكبر, حصل ترامب على53% بينما حصلت هيلاري على45 


التعليم, الحاصلين على الثانوية العامة او اقل ترامب 51%, هيلاري 45

 الحاصلين على البكالوريوس, ترامب 45% وهيلاري 49

الحاصلين على الماستر وما اعلى, ترامب 37% وهيلاري 58

المدن, المدن الكبيرة والتي سكانها 50,000 واكثر, حصل ترامب على 35% بينما حصلت هيلاري على 59

المدن الصغيرة, حصل ترامب على62% بينما حصلت هيلاري على 34

نستطيع ان نستنتج بعض الحقائق من هذه الارقام. الغير متعلمين يفضلون ترامب على هيلاري, الرجال يفضلون ترامب على هيلاري, كبار السن يفضلون ترامب على هيلاري, سكان المدن الصغيرة يفضلون ترامب على هيلاري. بينما, المدن الكبيرة والاجيال الاصغر سناً والنساء والملونين من اعراق غير البيض يفضلون هيلاري على ترامب. من الصعب جداً ان اتخيل وضعية الناخب السعودي, فالمجتمع السعودي مجتمع مغلق ولاتوجد احصائات او  استطلاعات علمية للرأي تستطلع آراء الناس وماذا يفضلون. ولكن بشكل عام سوف افترض ان الجماعات المناهضه او التي تقف في وجه كل ماهو حكومي سوف تفضل ترامب السعودي. هؤولاء تجد بهم الليبرالي اليساري وتجد بهم اليميني السلفي المحافظ, ولكن عموم تيار المحافظين سوف يميل لترامب السعودي, عدى مايسمى التيار الجامي فهو سوف يميل للمرشح الذي يحمل مواصفات هيلاري. التيار الليبرالي والذين يعتقدون مثلاً ان قناة ام بي سي تقوم بالتنوير سوف يميلون للمرشح الديمقراطي السعودي لانه يدعم حقوق النساء ويدعم ثقافة الاختلاف. المتعلمون, قضية التعليم مختلفة في السعودية عنها في امريكا, فالسعودية ينتشر بها التعليم الديني اكثر من غيره وهذا بالطبع سوف يصب في مصلحة التيارات المحافظة التي تميل لترامب السعودي. النساء, سوف يتقاسم كلا المرشحين اصوات النساء تقريباً , لا املك ارقام ولكن مثلاً اشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي ان النساء في حالات كثيرة هم من يقف ضد مطالبات مثل مطالبات اسقاط مايسمى "الولاية" وفي نفس الوقت هناك نساء يؤيدن مثل هذه الحملات. رجال الدين من صقور التيار المحافظ  سوف يكفرون المرشح الذي يحمل مواصفات هيلاري, ويقبلون على مضض بالمرشح الترامبي, مثلاً كما يفعلون الان مع اردوغان, هم يعلمون انه مجرد سياسي علماني يريد السلطة ولكنه قد يرمي لهم بعض العظام هنا او هناك فيما يتعلق بالاسلمة ولهذا يقفون بجانبه. هذا الجناح من رجال الدين والذي غير معجب بفكرة الدولة الوطنية ويريد الدولة او الخلافة الاسلامية هو يقبل بالاوضاع الراهنة في السعودية على مضض ولو كان الامر لهم لاعلنوا القطيعة مع الدولة السعودية الحالية, ولكن اموال النفط والاغداق عليهم يجعلهم يقبلون الامر. رجال الدين من التيار الموالي للدولة سوف يقفون ضد ترامب السعودي ويصورنه على انه مجرد شخص وصولي يستغل الدين والتيارات الدينية المحافظة للوصول الى اهدافه. من الصعب بل من المستحيل معرفة كيف ستكون نتائج هذه الانتخابات لو جرت في السعودية. فشل الكثير من النقاد والمحللين السياسيين في التنبؤ بنتائج الانتخبات الامريكية وهم يملكون كل المعلومات مثل استطلاعات للرأي يتم تحديثها في كل اسبوع, فكيف الحال بمجتمع مغلق لا نعرف عنه الكثير حتى وان كنى نعيش بداخله


المصادر مرفقه خلف كل اقتباس او معلومة-