Friday, August 26, 2016

الفردية مقابل الجماعية: مستقبلنا، خيارنا

كريغ بيدل | فلسفة
ترجمة بن عاتق

Frederick Douglass 
فريديرك دوغلاس


هذا المقال هو جزء من الكتاب الاليكتروني ، الموضوعانية، وهو متاح في امازون أو مجانا مع الاشتراك في تو او اس

 الصراع السياسي الأساسي في أمريكا اليوم، كما كان عليه منذ قرن من الزمان، الفردية مقابل الجماعية. هل تنتمي حياة الفرد له أو أنها تنتمي إلى مجموعة , المجتمع، أو الدولة؟ مع توسع الحكومة بسرعة  اكثر من أي وقت مضى, تستولي وتنفق المزيد والمزيد من أموالنا على برامج "استحقاق" وعمليات الإنقاذ للشركات، والتطفل على أعمالنا وحياتنا و تجعلنا نعيش في طرق شاقة على نحو متزايد، الحاجة إلى الوضوح بشأن هذه المسألة لم يكن أكبر من اليوم. دعونا نبدأ من خلال تحديد الشروط التي في متناول اليد

الفردية هي فكرة أن حياة الفرد تنتمي إليه وهو الذي لديه حق غير قابل للتصرف لعيشها على النحو الذي يراه مناسباً, يعمل وفق احكامه هو, يحافظ ويستخدم ما ينتجه ويسعى الى تحقيق القيم التي يختارها. انها فكرة ان الفرد ذو سيادة في حد ذاته, وان الفرد هو الوحدة الاساسية للاهتمام الاخلاقي. هذا هو المثل الأعلى الذي وضعه الأباء المؤسسين لامريكا وسعوا لتأسيسه عندما صاغوا الإعلان والدستور وخلق البلد الذي يعترف ويحمي حقوق الفرد في الحياة والملكية والحرية، و حقه في السعي لتحقيق السعادة

الجماعية هي فكرة أن حياة الفرد ليست ملكاً له ولكن للمجموعة أو المجتمع الذي هو مجرد جزء منه, انه ليس له حقوق، و يجب أن يضحي بالقيم والأهداف التي يؤمن بها من اجل الصالح العام للمجموعة. وفقاً للجماعية ، الجماعة أو المجتمع هي الوحدة الأساسية للاهتمام الاخلاقي، والفرد لا قيمة له إلا بقدر ما يخدم المجموعة. أحد الذين يدافعون عن الجماعية يصيغها بالشكل بالتالي: "الشخص ليس له حقوق عدى تلك التي يسمح له المجتمع بها. من يوم ولادته حتى يوم مماته المجتمع يسمح له بالتمتع ببعض مايسمى الحقوق ويحرمه من حقوق اخرى; ليس لان المجتمع يرغب في تفضيل الفرد خاصه او ظلمه, ولكن الحفاظ على المجتمع, الرعاية الاجتماعية, والسعادة هي الاعتبارات الرئيسية" انتهى الاقتباس

الفردية أو الجماعية، أي من هذه الأفكار هو الصحيح؟ من لديه الحقائق في جانبه؟

الجواب الفردية، ويمكننا أن نرى هذا في كل مستوى من مستويات التحقيق الفلسفي: من الميتافيزيقيا، وهي فرع من فروع الفلسفة المعنية مع الطبيعة الأساسية للواقع، الى نظرية المعرفة، الفرع المعني بطبيعة وسائل المعرفة؛ إلى الأخلاق، الفرع المعني  بطبيعة القيمة والعمل الإنساني السليم. في السياسة، الفرع المعني بالنظام الاجتماعي السليم 

سوف نأخذهم بالدور

   الميتافيزيقيا، والفردية، والجماعية

عندما ننظر الى العالم ونرى الناس, نحن نرى افراد منفصلون ومتميزون عن بعضهم البعض. الافراد قد يكونون في مجموعة (انظر مثلاً الى فريق كرة قدم او الى مشروع تجاري), ولكن الكيانات التي لا تتجزاء التي نرها هي الافراد (بمعنى انك يمكن ان تقسم فريق القدم الى اجزاء ولكنك لا تستطيع ان تقسم اللاعب الفرد الواحد الى اجزاء). لكل منهم جسده، عقله، حياته الخاصة. المجموعات، بقدر ما كانت موجودة، ليست أكثر من الأفراد الذين جائوا معا للتفاعل لبعض الأغراض. وهذه حقيقة يمكن ملاحظتها عن حال العالم. هي ليست مسألة رأي شخصي عرف اجتماعي، وايضاً هي  ليست قابلة للنقاش العقلاني. هي على مستوى الادراك الحسي، حقيقة معطاه بشكل غيبي. الأمور على ما هي عليه. البشر هم الأفراد

بيان جميل للحقيقة الميتافيزيقيه للفردية قدم من العبد السابق فريدريك دوغلاس على شكل رسالة الى سيدة السابق توماس الولد بعد هروبه من العبودية في ميرلاند وفراره الى نيويورك. "لقد فكرت كثيراً في انه يجب علي ان اشرح لك الاسباب التي بررت بها لنفسي في الهرب بعيداً عنك,"كتب دوغلاس" انا تقريباً اشعر بالخجل لافعل ذلك الان, لانك بحلول هذا الوقت يبدوا انك اكتشفت الاسباب بنفسك. ومع ذلك, انا سوف القي نظرة عليها." أترى, قال دوغلاس

يكمل الرسالة دوغلاس "انا نفسي;وانت نفسك:نحن شخصان متمايزان,شخصان متساويان. ما انت عليه, انا عليه. انت رجل, وانا كذلك. الله خلقنا ,وجعلنا بشر منفصلين. الطبيعة لا تلزمني عليك, ولاتلزمك علي كذلك. الطبيعة لاتجعل وجودك معتمداً علي, او تجعل وجودي معتمداً عليك. انا لا استطيع السير بقدميك, او انت تسير بقدمي. انا لا استطيع ان اتنفس لك, او انت تتنفس لي: انا يجب ان اتنفس لنفسي, وانت تتنفس لنفسك. نحن شخصان متمايزان, وكلانا قد تم تزويده بشكل متساوي بالوسائل الضرورية لوجودنا الفردي. بالرحيل عنك, انا لم اخذ شيئاً سوى ماينتمي الي, وهي باي حال من الاحوال لا تقلل من وسائلك في الحصول على العيش الشريف. وسائلك تبقى ملكك, ووسائلي اصبحت مفيدة للمالك المناسب (يقصد نفسه عندما اصبح حر)
على الرغم من انه يمكن لاحدهم مماحكة فكرة "ان الله خلق الناس", النقطة الميتافيزيقية لدوغلاس هي سليمة بوضوح. البشر بالطبيعة متمايزون, بشر منفصلون,كلاً منهم يملك بدنه الخاص ووسائله الضرورية لوجوده. البشر ليسوا با حال من الاحوال من الناحية الميتافيزيقية متعلقين او متعتمدين على بعضهم البعض, كلاً منهم يجب ان يستخدم عقله ويوجه جسده: لا احد يستطيع فعل اي من هذين الفعلين غيره. البشر هم افراد. "انا نفسي;وانت نفسك:نحن شخصان متمايزان". اقتباس من الرساله
 الفرد ببعده الميتافيزيقي هو حقيقي. هوموجود في ومن نفسه. هو الوحدة الأساسية للحياة البشرية
الجماعات أو مجموعات من الناس، سواء الأسر، والشركات ، والمجتمعات المحلية، أو المجتمعات ليست حقيقية من ناحية البعد الميتافيزيقي: هم لايتواجدون لانفسهم, هم ليسوا وحدات اساسية للحياة البشرية. بدلاً من ذلك, هم بضعة اعداد من البشر.
هذا هو مدرك بديهيا. يمكننا أن نرى أن هذا صحيح

 من يقول غير هذا؟ الجماعيون يفعلون. جون دوي, اب البرغماتية و"الليبرالية" الحديثة, يشرح مفهوم الجماعية على النحو التالي

المجتمع في توحده وفي طابعه الهيكلي هو واقع حال: الشخص الغير اجتماعي هو فكرة تجريدية وصلت بواسطة التخيل عن ماذا سوف يكون الشخص اذا اخذت منه كل الصفات الانسانية. المجتمع كحقيقة كاملة, هو النظام الطبيعي, واعتبار الناس مجموعات منعزلة هو الخيال

 وفقاً للفكر الجماعي, المجموعة والمجتمع هو حقيقة من الناحية الميتافيزيقية-الفرد ببساطة فكرة تجرييدية من الخيال



هذا بالطبع, سخيف, ولكن هو هناك. في الفكر الميتافيزيقي للجماعية, انا وانت  مجرد خيال, وفقط نصبح حقيقة بقدر مانرتبط بالمجمتع بشكل ما. الى اي مدى بالضبط يجب علينا ان نرتبط مع الجماعي من اجل ان نكون جزء من الحقيقة الكاملة, سوف نسمع عن ذلك قريباً
دعونا الأن ننتقل الى فرع الفلسفة المعنية بطبيعة المعرفة



نظرية المعرفة,الفردية, والجماعية
ماهي المعرفة؟ من اين تأتي؟ كيف لنا ان نعرف ماهو الصحيح؟ الحقيقة هي ادراك عقلي لحقيقة ما او حقائق للواقع تم الوصول اليها من خلال الملاحظة الحسية او من خلال عملية ادراك شأن ما على اساس السبب. الذي ينظر الى الواقع, يسمع الواقع, يلمس الواقع, يعرف السببية حول الواقع- بالتالي يستطيع ان يكتسب معرفة حول الواقع. الفرد يفعل كل هذا. الفرد يمتلك عينان, اذنان, يدان, وبالمثل. الفرد يملك عقل والقدرة على استعماله. هو يتصور الواقع (على سبيل المثال كلاب, قطط, وطيور): هو يدمج مفاهيمه الى عموميات (مثلا "الكلاب يمكن ان تعض" و "الحيوانات مميتة"): هو يشكل مبادئ ( مثلا "الحيوانات, بما فيهم الشخص, يجب ان يتخذوا اجرائات معينة لكي يبقوا على قيد الحياة," و " الشخص يطلب الحرية من اجل ان يعيش ويزدهر"). وهلم جر. المعرفة هي نتاج الملاحظات الحسية والاندماج العقلي للأفراد

  بالطبع, الافرد يمكنهم التعلم من الآخرين, انهم يستطيعون تعليم الآخرين ما الذي تعلموه- ويستطيعون فعل ذلك في مجموعات. ولكن في نقل اي معرفة من هذا القبيل, حواس الفرد يجب ان تقوم بالتصورات, وعقله يقوم بعملية الدمج. الجماعات او المجموعات لاتملك الادوات الحسية او العقلية, ولكن الافرد يملكونها. هو ببساطة لايمكن تعويضه
 ولكن هذا لايوقف الجماعيون من انكار هذا
مبداء المعرفية ذات الصلة, تكتب هيلين لونجنو (رئيسة قسم الفلسفة في جامعة ستانفورد) "المعرفة التي تنتج من خلال العمليات المعرفية هي اجتماعية في الاساس." تُمنح, هي تقول" بدون الافراد لن يكون هناك معرفة" لان" من خلال الجهاز الحسي للافراد يدخل العالم الطبيعي الى الادراك"... انشطة بناء المعرفة,مع ذلك هي انشطة الافراد في التفاعل" وبالتالي المعرفة" لم تشيد من قبل الافراد, ولكن عن طريق الحوار المجتمعي التفاعلي".لمقصد ان الافراد نعم هم الادوات لادراك العالم الحسي ولكن تبلور المفاهيم والمعرفة لا يأتي بشكل فردي بل بشكل جماعي من خلال تفاعل المجتمع في الحوار حول العالم الطبيعي)
لاتستطيع ان تؤلف هذا الشي, ولكن "الحوار المجتمعي التفاعلي" يستطيع
  على الرغم من أنه صحيح (ويجب أن يكون امرعادي) أن الأفراد في مجتمع ما يمكنهم تبادل الأفكار والتعلم من بعضهم البعض،ولكن تظل الحقيقة أن الفرد وليس المجتمع، لديه عقل: الفرد وليس المجموعة هو من يفكر: الفرد وليس المجتمع من ينتج المعرفة: والفرد وليس المجموعة من يتبادل المعرفة مع الآخرين, في المقابل, يجب عليهم استخدام عقولهم ان ارادوا ادراك ذلك. الشخص الذي يختار ملاحظة الواقع يستطيع ان يرى ذلك. حقيقة ان بعض الفلاسفة (او المجتمعات الحوارية) تنفي ذلك هو ليس له تأثير على الامر
نظرية المعرفة الصحيحة, الحقيقة حول الطبيعة ومصدر المعرفة-هي في جانب الفلسفة الفردية, وليس الجماعية
الخطوة القادمة هي وجهات النظر حول الاخلاق التي تتبع هذه الاسس

الاخلاق, الفردية, الجماعية
ما هي طبيعة الخير والشر، والحق والباطل؟ كيف، من حيث المبدأ، يجب أن يتصرف الناس؟ تلك هي الأسئلة الأخلاقية أو حول الأخلاق (يمكنني استخدام هذه المصطلحات بالتبادل). لماذا تظهر هذه الاسئلة؟ لماذا نحن بحاجة الى الاجابة عليها؟ هذه الاسئلة تظهر ونحتاج للاجابة عليها فقط لان الافراد  موجودين ويحتاجون الى التوجية المبدئي حول كيفية العيش والازدهار
نحن لا نولد ونعرف كيف نبقى على قيد الحياة ونحقق السعادة, او نكسب هذه المعرفة تلقائياً بشكل اوتوماتيكي, ولا في حالة اكتسبناها, نتصرف في هذه المعرف تلقائياً. (كدليل،مراقبة الناس البائسة لا تعد ولا تحصى في العالم). اذا اردنا ان نعيش ونزدهر, نحتاج الى توجية مبدئي نحو تلك النهاية. الأخلاق هي فرع من فروع الفلسفة مكرسة لتقديم مثل هذه التوجيهات
على سبيل المثال, المنطق الاخلاقي السليم يقول للفرد: تصرف بسبب(حتى لو كان ضد المشاعر او الايمان)-انظر الى الواقع وحدد طبيعة اللشياء,قم بعمل الاتصالات السببية, استخدم المنطق-لان السبب هو وسيلتك الوحيدة للمعرفة, وبالتالي وسليتك الوحيدة للاختيار وتحقيق الاهداف والقيم التي تخدم الحياة. الاخلاق ايضاً تقول :كن صادقاً: لا تدعي ان الحقائق هي غير ماهي عليه, لاتشكل حقائق بديلة وتعاملها على انها حقائق واقعية- لان الواقع هو حق ولايمكن تزويره في الوجود,ولانك تريد ان تفهم الواقع من اجل ان تنجح به. بشكل اوسع توفر الاخلاق توجيهات للتعامل تحديداً مع الناس. على سبيل المثال,تقول الاخلاق: كن عادلاً-احكم على الناس بعقلانية,
وفقا للحقائق المتاحة وذات الصلة، والتعامل معها وفقا لذلك، كما يستحقون أن يعاملوا, لان هذه السياسة امر حاسم لانشاء والمحافظة على علاقات جيدة, وانهاء, والتمكن من ادارة العلاقات السيئة. والاخلاق تقول: كن مستقلاً-فكر واحكم لنفسك, لاتتحول الى الآخرين ليوفروا لك ماتؤمن به او تقبله-لان الحقيقة ليس ما يتطابق مع وجهات نظر الآخرين, ولكن مايتطابق مع حقائق الواقع. وهلم جر

عن طريق هذا التوجيه (وما سبق هو مجرد بيان موجز),الاخلاق تمكن الفرد من ان يعيش ويزدهر. وهذا على وجه التحديد هو الغرض من التوجيه المعنوي: مساعدة الفرد في اختيار وتحقيق الأهداف والقيم التي تخدم الحياة، مثل التعليم، المهنة، والأنشطة الترفيهية، والصداقات، والرومانسية. والغرض من الاخلاق كما قال كبير الفردانيين آين راند, لتجعلك تستمتع بالحياة
كما ان الفرد وليس المجموعة هو حقيقة ميتافيزيقية-وكما ان الفرد, وليس الجماعي, لدية عقل ويفكر, لذلك الفرد وليس المجتمع, هو الوحدة الاساسية للاهتمام الاخلاقي. الفرد بشكل اخلاقي هو النهاية بحد ذاته. ليس وسيلة ليكون النهاية للآخرين. كل فرد يجب ان يسعى الى القيم التي تخدم اهداف حياته وتحترم حق الآخرين في ان يفعلوا الشي ذاته. هذه هي الأخلاق التي تتدفق من الميتافيزيقا ونظرية المعرفة الفردية

المصدر
Individualism vs. Collectivism: Our Future, Our Choice  .