Sunday, September 25, 2016

رحلة النفط الطويلة والتداعيات التي احدثتها في حياة انسان الجزيرة




بن عاتق
 9/25/2016

في المقال الاول ( السعودي الذي لايعرف قصة النفط هو مثل الشخص الذي يجهل  تاريخ ابيه) تطرقت للكيفية التي يربطنا بها النفط بالعالم اقتصادياً. وذكرت ان المعبر الوحيد لنا للاسواق العالمية هو النفط. فنحن لانملك اليد العاملة التي تستطيع ان تنتج منتجات تستطيع دخول السوق العالمية كسلع والمنافسة بها, فنحن لانزال متأخرين علمياً وتقنياً لنصنع بضائع وخدمات يمكن ان يتم تداولها في الاسواق العالمية. تستطيع ان تقارن حالنا بدون النفط كحال الدول الفقيرة وفي احسن الاحوال الدول متوسطة الدخل والتي تكافح من اجل البقاء. مصر على سبيل المثال, تكافح اليوم وتعاني من اجل نقص الدولار في الاسواق المحلية. مصر دولة تستورد اكثر مما تصدر وهذا يجعلها تسجل عجزاً في الميزان التجاري (الصادرات -الواردات) وقد بلغ في الربع الاول من هذا العام 7.83 مليار دولار. السعودية تتجنب مثل هذه المشاكل النقدية لان النفط يوفر لها العملة الصعبة ويجعلها تستطيع الاستيراد. تأثيرات النفط تتعدى الاقتصاد, وتأثر على السياسة و الثقافة الشعبية بشكل عام. الكثير من السعوديين يعرفون ان النفط هو مصدر الدخل للبلاد وهو سلعة مهمة بالنسبة للسعودية, ولكن المعرفة بالنفط في الغالب تتوقف عند هذه النقطة ولا يوجد تأثير كبير في الثقافة الشعبية السعودية بالتأثيرات الاجتماعية التي يخلقها النفط والاقتصاد الريعي معه, لذلك تجد الثقافة الشعبية مشغولة بالماضي كثيراً وتحاول ان تعيش في الماضي وتصنع رموزاً من شخصيات تراثية نحن لانعرف عنها الا من خلال كتب التراث. الجهل بالتأثيرات التي يخلقها النفط ليس مقتصر على الطبقات البسيطة, بل حتى من يعتبرون انفسهم نخبة هم يجهلون الكثير عن تأثيرات النفط ويحصرون النقاشات غالباً في المنطقة الثقافية ويتم تصوير الحراك الاجتماعي على انه صراع بين ثقافة قديمة تحاول تجميد المجتمع في القرن  السابع الميلادي, وثقافة عصرية تحاول الانفتاح والتأقلم من العصر الحديث. هذا التحليل صحيح, ولكنه لايذهب الى فهم الجذور لهذا الحراك والتحول الاقتصادي الجذري  الذي خلقه النفط وتبعاته الثقافية على انسان الجزيرة العربية. عندما تحدث ولي ولي العهد عن خطته للتحول بعيداً عن النفط كان ذلك اول مسؤول سعودي بهذا المستوى يتحدث بشكل مكثف عن هذا الموضوع. ربما الامر الايجابي من طرح رؤية السعودية 2030 حتى الأن هو لفت الانتباه الى دور واهمية النفط, وهي مثل تسليط الضوء على ركن معتم بعد ان كان شبه مهمل شعبياً وثقافياً. رحلة النفط لم تبداء حديثاً بل هي رحلة طويلة بدأت من ثلاثينيات القرن العشرن حتى وصلنا الى خطة التحول الوطني للذهاب بعيداً عن النفط وفي هذه العقود تم اعادة صياغة انسان الجزيرة العربية سياسياً, ثقافياً, اقتصادياً واجتماعياً على ماهو علية اليوم
 

   في الورقة البحثية تدوير اموال البترودولار بين السعودية وايران والتي رصدت المسار التطوري لاقتصاد كلا البلدين بعد تدفق عوائد النفط  1. ناقش الكاتب  رامين نصحي كيف ان الاقتصاد السعودي ولد ليكون معتمد في وجودة على سلعة وحيدة متمثلة بالنفط. تزامن اكتشاف النفط في السعودية في الثلاثينيات من القرن العشرين مع وضع اسس الدولة السعودية الثالثة لتكون اول كيان مؤسسي حديث في الجزيرة العربية. بدأت عوائد النفط تتدفق بشكل كبير في الخمسينات بعد ان ابرمت الحكومة السعودية اتفاقية جديدة مع شركة ارامكو (والتي كانت عبارة عن تجمع لشركات نفط امريكية) تتيح هذه الاتفاقية للحكومة السعودية ان تحصل على نصف عائدات البترول, بعد ان كان يذهب الكثير منها للشركات الامريكية منذ لحظة انطلاق التصدير في عام 1938-1950 5. اتت الطفرة النفطية الاولى في عام 1974-1975بعد المقاطعة العربية لتصدير النفط على اثر حرب مصر مع اسرائيل في عام 1973. بدأت المقطاعة في اكتوبر 1973 وكان حينها سعر النفط 3 دولار للبرميل, انتهت المقاطعة في مارس 1974 ليصعد سعر النفط الى 12 دولار للبرميل.  في عام 1947 استحوذت الحكومة السعودية على 60% من شركة ارامكو, حتى تم الاستحواذ عليها بشكل كامل في الثمناينات. ارتفاع اسعار النفط بعد المقاطعة واستحواذ الحكومة السعودية على حصة كبيرة من ارامكو في عام 1974 اتاح للحكومة السعودية عوائد  مالية ضخمة. بالعودة الى الورقة البحثية المذكورة سابقاً, يقول الكاتب ان السعودية لم تكن مستعدة اقتصادياً الى امتصاص هذه العوائد النفطية الكبيرة وتدويرها في الاقتصاد المحلي  ولم تكن تملك الكوادر البشرية لتطوير الاقتصاد. اختارت السعودية ان تستثمر هذه العوائد في الخارج وخصوصاً في سندات الخزانة الامريكية والسوق الامريكية "هذا كان احد اركان صفقة البترودولار بين المملكة وامريكا". في عام 1974 كان عدد سكان المملكة تقريباً 7 مليون نسمة, وكانت نسبة الامية حينها تصل الى 70% او في هذه الحدود تزيد او تنقص قليلاً. من الواضح انه كان هناك خلل هيكلي في الاقتصاد السعودي بافتقارة لليد العاملة المحلية وهذا فتح الباب على مصارعية لجلب العمالة الخارجية لشغل الوظائف. تركزت هذه الوظائف في البداية على التعليم ومن ثم تطورت ليصبح سوق العمل الخاص الذي انتجته الطفرة النفطية معتمداً بشكل اساسي على اليد العاملة الاجنبية. سوق العمل الخاص امر حديث ومستحدث في السعودية. لا املك مصادر اكاديمية ولكن حسب ما سمعت من من عاشوا في تلك الفترة (فترة ماقبل الطفرة او اكثر بقليل ان السعوديون كانوا يشتغلون بالزراعة,الرعي,الصيد والتجارة, وان المهن كانت مهن بسيطه مثل الحماليين وعمال البناء, وفي المناطق التي اكتشف بها النفط كانوا يعلمون في مصانع الزيت, وسكان الامكان المقدسة يعلمون في الخدمات التي تقدم للزوار). بداء تدفق العمالة الجديدة وخلق وظائف جديدة لم تكن موجودة او منتشرة من قبل بعد الطفرة النفطية. وصل عدد السكان الى تقريب 10 مليون مع مطلع الثمانينات بعد ان كان في حدود 7 مليون في بداية السبعينات. لاتوجد احصائيات دقيقة حسب ما اعرف عن نسبة السعوديين من الاجانب ف تلك الفترة. تدفق الاجانب بشكل كبير كان في نهاية الثمانينات وبعد حرب الخليج خصوصاً من شبه القارة الهندية, وبعد ماتم ترحيل مواطنيين دولة اليمن بعد موقف على عبدالله صالح من غزو الكويت. الشاهد ان الاقتصاد السعودي الجديد بني على ركائز لم تكن تاريخياً موجودة من قبل مثل النفط والاستعانة بالخبرات الوافدة. على سبيل المثال, النظام المصرفي والسياسة النقدية  وهما عصب الاقتصاد تم بنائهما من قبل خبرات خارجية,  فمؤسسة النقد السعودية تم تأسيسها عام 1952 وقد  تناوب ثلاث محافظون من امريكا على رئاستها وقت التأسيس. الاول كان جورج بلوارز 1952-1954,الثاني راف ستاندش 1954-1958 والثالث انور علي امريكي من اصول باكستانية 1958-1974,حتى وصلنا الى اول سعودي يتولى رئاسة مؤسسة النقد بعد عقدين من تأسيسها وكان عبدالعزيز القريشي 1974-1983. 2. لم تكن هناك عملة محلية سابقاً بالمفهوم الحديث للعملة من قبل, بل كان يتم تداول عملات اجنبية مثل جنية جورج الانجليزي, الريال المجيدي العثماني والاكثر شيوعياً الريال النمساوي ( ريال تالر ماريا تريزا). لم يكن لدى السعوديين ابسط اسس الاقتصاد الحديث المتمثل بوجود عملة محلية قبل تدفق عائدات النفط. عائدات النفط هي من اتاح للسعودية خلق عملة محلية قوية لانها تستطيع ان تغطيها بالعملة الصعبة. تستطيع ان تضرب امثلة اخرى مثل شركة ارامكو (اهم ماتملك السعودية لتنفق على نفسها)  فقد تم وضع لبناتها واساسها الامريكيون وكانت عبارة عن تجمع لشركات نفطية امريكية تكون في الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي حتى اصبحت سعودية بالكامل في مطلع الثمانينات.  الشاهد من هذا ان السعودي لم يكن معد بعد علمياً وتقنياً لادارة اقتصاد مليوني كبير به عائدات كبيرة, فلذا تم الاستعانة باليد العاملة الاجنبية وهي من ساعد على تطوير الاقتصاد او على الاقل ادارته, ومن حسن الحظ ان اموال النفط كانت كبيرة بحيث سمحت للسعودية ان تجلب وتستفيد من كل تلك الخبرات. دول فقيرة عديدة كانت سوف تكون افضلاً حالاً لو انها كانت تستطيع جلب كل تلك الخبرات ولكنها لا تملك الاماكنيات المادية لهذا. نسجل نقطة اخرى من فوائد النفط التي لا تعد ولاتحصى


اين ذهب السعوديون؟ في البحث المذكور آنفاً تم التطرق الى الكيفية التي استثمرت بها الحكومة السعودية جزء كبير من عائدات النفط وذلك من خلال ضخها  في البيروقراطية الحكومية وتوسعت البيروقراطية لانها كانت بمثابة توزيع للحص من السلطة والمال. توسعت البيروقراطية الحكومية وهذا خلق فرصة كبيرة للسعوديين بان يشغلوا تلك الوظائف. ايضاً ذهب السعوديون لشغل الوظائف الامنية في الجيش والشرطة وغيرها وجميعها مؤسسات استفادت من الطفرة النفطية لتتوسع وتخلق وظائف اكثر وتجلب معدات وتقنيات عسكرية متطورة. البيروقراطية الحكومية هي احد نتائج تدفق النفط حتى من قبل الطفرة. ذكرنا انه تم انشاء مؤسسة النقد العربي السعودي تم تأسسيها في 1952 وكانت لها مقر وحيد فقط في جدة., ثم توسعت لاحقاً في الطائف ومكة والمدينة والدمام والرياض. مثال آخر, وزارة المعارف تم انشائها في 1951وقد كانت فقط للبنين, وبعد ذلك بحوالي عشر اعوام تم انشاء الرئاسة العامة لتعليم البنات. لو ذهبت الى التعليم العالي سوف تجد ان اول جامعة كانت جامعة الملك سعود وتأسست في 1957 واول جامعة اهلية سعودية هي جامعة الملك عبدالعزيز في جدة, تم تأسيسها في عام 1966 , ومن ثم تم انشاء وزارة التعليم العالي في 1975 . تستطيع ان تلاحظ وتستنتج ان نواة الدولة المركزية السعودية تم وضعها في الخمسينات والستينات كاول كيان مؤسسي في جزيرة العرب بعد قرون طويلة من نمط الحياة القبلي. ظهور النفط وعائداته هي من ساهم في وضع لبنات هذا الكيان المؤسسي والذي كان من الصعب جداً ان يكون دون تلك العوائد. بدأت تظهر المسحة الدينية النفطية في أواخر السبعينات وهي عبارة عن تفاعل بين المدرسة السلفية التي يستمد الحكم شرعيته منها والعنصر الاخواني المصري المدرب والذي يجيد فن التنظيم وظهرت حركة الصحوة الاسلامية (هذا لايعني ان البعد الديني لم يكن موجود قبل النفط فحروب توحيد المملكة كانت تعتمد على بعد ديني ولكن اخذ البعد الديني شكلاً اكثر تطوراً من الناحية التنظيمية بوجود اموال النفط). العنصر الاخواني المصري اتى من مصر, ومصر قبل ان يطرد منها كانت مستعمرة من بريطانيا ولا شك ان هذا اضاف اليهم كما اضاف للمجتمع المصري ككل. يقال ايضاً " وفقاً للمؤرخ الامريكي وليام ونجدال" ان الاخوان تعاونوا مع النازيين في الحرب العالمية الثانية وتم انشاء اذاعة برلين لحث المسلمين لمقاتلة بريطانيا 4 . الشاهد ان الاخوان احتكوا بثقافات مختلفة مما اتاح لهم التعرف اكثر على اساليب التنظيم, وفي الاساس كان هناك حياة سياسية نشيطة في مصر في ايام الملكية قبل ثورة 1952 والتي جمدت الحياة السياسية في مصر منذ ذلك التاريخ. اتى الاخوان الى السعودية بعد خلافاتهم مع ناصر وتم تكوين الجسد الديني الحديث في السعودية بعقل سلفي وعضلات اخوانية وتمويل نفطي. وقد لعب الاخوان دوراً في تأسيس التعليم السعودي ومن ابرز قيادتاهم كان محمد قطب الذي لعب دوراً في حركة التعليم السعودية. جذبت الدعوة كثير من السعوديين وانخرطوا في العمل الدعوي وهذا العمل الدعوي شكل ثقافة البلاد على مدار العقود الثلاثة التالية. كانت الصحوة الاسلامية بمثابة عمل تنظيمي جديد لم يكن له سابقة, المقصد  ان الخطب والمحاضرات الدينية والشريط الديني وطريقة طرح المواضيع, جميعها امور لم يعرفها السعوديون من قبل. بالعودة الى الاقتصاد, كانت الصحوة الدينية بمثابة قناة او منفذ لعائدات النفط في السعودية وخصوصاً انها كانت تستخدم لتكون بمثابة قوة ناعمة للسعودية خارجياً وتعزز اللحمة الوطنية داخلياً في مجتمعات متفرقة عاشت حياة القبلية والانعزال لقرون


تستطيع ان تستنتج بوضوح ان فترة الخمسينات, الستينات والسبعينات كانت بمثابة الفترة التي تم فيها تأسيس الكيان المؤسسي في السعودية والتي اخذت على عاتقها تحويل الاقتصاد من اقتصاد شبه بدائي الى اقتصاد حديث. النفط كان القلب  لهذا التحول التاريخي في الجزيرة العربية التي لم تعرف رغد عيش مثل هذا من قبل. تركت المهن القديمة التي كانت تتمثل في الرعي والزراعة والصيد وتحول السعودي الى التعليم وشغل الوظائف البيروقراطية او الامنية التي تتطلب حداً معيناً من التعليم. اخذت العمالة الوافدة على عاتقها تقديم الخدمات الاستهلاكية للسعودي وتمركز النشاط الاقتصادي الحقيقي حولها. السعودية اليوم لاتستطيع ان تسيير امورها الاقتصادية داخلياً بدون اليد العاملة الاجنبية. لو تخيلنا سيناريو سعودية خالية من اليد العالمة الوافدة ستكون النتيجة سعودية مشلوله اقتصادياً لايمكن ان تعمل ليوم واحد. من هنا نستطيع ان نفهم لماذا تتعثر برامج السعودة ونتائجها دائماً ضعيفة. برامج السعودة تعتمد في وجودها على قرار بيروقراطي, بينما اليد العالمة الوافدة تعتمد في وجودها على حاجة اقتصادية ملحه. الحاجة الاقتصادية هي من تتجلى في الواقع بينما القرار البروقراطي قد يكون مجرد حبر على ورق وهو تقريباً كذلك في حالة السعودة. مايجعل اليد العالمة الوافدة حاجة وواقع اقتصادي عدة اسباب ويمكن تلخيصها في التالي. اولاً: عدم وجود البديل السعودي الذي يستطيع ان ينافس هذه اليد العاملة اقتصادياً من ناحية تدني معدل الاجور في احيان كثيرة, وايضاً المنافسة من حيث الالتزام بمتطلبات العمل من الناحية الفنية مثل العمل لساعات طويلة, المهارات الفنية للعامل الاجنبي في العمل اليدوي. ثانياً: ان البيروقراطية الحكومية لازالت جذابة للسعودي فهي توفر وظائف برواتب جيدة في احيان وجيدة جداً وممتازة في احيان اخرى. ايضاً نوعية العمل البيروقراطي او العمل التربوي او الامني مقبول اجتماعياً وهذا لايتوفر مع الاعمال التي تقوم بها العمالة الوافدة. على سبيل المثال, كان هناك استنكار على وزارة العمل لانها وظفت نساء في مجال السباكة. هذه الحالة الاجتماعية نادرة عالمياً وقد تختص بها فقط دول الخليج النفطية. في امريكا مثلاً وهي الاقتصاد الاكبر عالمياً تجد ان الامريكيين يعملون في مهن مثل السباك والحلاق وعامل النظافة والخباز سواء ذكور او اناث. الاقتصاد الريعي النفطي خلق حالة اجتماعية تستنكر بعض الوظائف والاعمال وهي حالة استثنائية. لايمكن فهم لماذا هناك عدم قبول اجتماعي لمثل هذه الوظائف دون الرجوع الى الاسس والمرتكزات التي تأسس عليها الاقتصاد السعودي الحديث. هو اقتصاد تمركز حول ثروة طائلة من عوائد النفط وهذا جعل السعودي مثل ابن التاجر الثري (وان كان فقط تعبير مزاجي عن حالة عامة, لايمكن انكار ان هناك سعوديون يكافحون في كل يوم من اجل تأمين المستلزمات الحياتية ولكن لاتزال معدلات الفقر منخفضه نسبياً في السعودية). بالعودة الى مثال ابن التاجر, لو افترضنا انه عندما بلغ هذا الابن سن الاربعين وقد عاش جل حياته مرفه وطلب منه ان يقوم باعمال لايعرفها او لم يعتد عليها هل من الممكن ان ينجح؟ هذا الحال مع السعودة وهذا تشبية مجازي يختزل صورة ضخمة وكبيرة جداً. هناك في الاقتصاد ما يسمى بالعوامل الخارجية. مثلاً المصنع الذي يبعث الكربون من مداخنه, التلوث يسمى عامل خارجي. العوامل الخارجية قد تكون بيئية او اجتماعية. انعكاسات الاقتصاد الريعي النفطي وتكديس البلاد باليد الاجنبيط العاملة احدث تأثير مشابه لتأثير العوامل الخارجية وهو تعطيل واضعاف اليد السعودية العاملة وجعل السعودي معتمداً في حياته على اليد العاملة الوافدة. ثالثاً: جعل النفط السعودية سوق كبير لللإستهلاك مما اتاح للسعودي ان يتجه الى المجال التجاري, سواء في اعمال الاستيراد او المشاريع والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تقدم خدمات استهلاكية, وهي اعمال مردوداتها المالية كبيرة وغير مكلفة كثيراً, فالسعودية بلد بلا ضرائب الى حد اللحظة مما يجعل تكاليف العمل التجاري منخفضةة نسبياً. رابعاً: العمل في المجال الثقافي جذب كثيرين من السعوديين لما به من مكانه اجتماعية مرموقة وعوائد مالية جيدة في اغلب الاحوال. يمكن ادراج مجال العمل الديني تحت هذه الخانة, فهو عبارة عن سلعة ثقافية تقدم لجمهور من المستهلكين يزيد الطلب عليها او ينقص. المجال الثقافي يشمل العمل في الاعلام, التأليف والنشر وغيرها من الامور الثقافية وهي من الاشياء التي بها نسب عالية من السعودة, بل ان هناك فائض وخصوصاً في المجال الديني في عدد السعوديين الذين يعلمون به, لذا تستطيع السعودية ان تصدر رجال دين للخارج.  عندما نناقش موضوع النفط في قصة السعودية, نحن لا نناقش مجرد سلعة, بل هي حالة اجتماعية وسياسية واقتصادية شكلت السعودية على ماهي علية. شكلتها سياسياً بحكم ملكي وراثي في الداخل يعتمد على الاقتصاد الريعي والذي يجعل الدولة اغنى واقوى من المواطن, وهي لاتحتاج اليه لتأخذ منه ضرائب بل هي من يصرف عليه وهذا يتيح لها ان تكون سلطة مطلقة, وقوة اقليمية تستطيع ان تؤثر في المشهد الاقليمي, واجتماعياً بحالة دينية قد تكون اقرب الى الاستثناء في عالم اليوم من حيث الغرابة وعدم مجاراتها للعصر مع وجود طرف يقاوم ويحاول تغيير هذا الوضع الثقافي المتدين جداً وادخال عناصر عصرية علية مثل التوسع في مجال حقوق الفرد و المرأة وغيرها من المواضيع التي تأخذ شكل الصراع الثقافي في احيان كثيرة. وشكلتها اقتصادياً بحالة اقتصاد استهلاكي يعتمد في كل شي على الغير بداية من الاستيراد حتى تقديم الخدمات الخاصة بالمنتج. اليوم هنالك حديث عن سعودية مختلفة وجديدة عن ماكانت علية في العقود السابقة تتمثل بخطة التحول الوطني, ويبدوا ان النفط ايضاً لازال اللاعب الاقوى في السعودية فهذه الخطة وجدت لتبعد الاقتصاد السعودي ولو شكلياً عن النفط وان كان الامر واقعياً اقرب الى الخيال ان تستغني السعودية عن النفط في بضع سنوات

 

 المصادر 

The political economy of petro-dollar recycling in Iran and Saudi Arabia in the 1970s

بالصور.. تعرف على محافظي مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" منذ نشأتها إلى اليوم؟

OIL INDUSTRY

 

1 comment: